وأظهروا الجلد وهم ينتظرون جوابه إما بإنجادهم وإزاحة المسلمين عنهم وإما بالتخلي عنهم ليقوم عذرهم في التسليم فلما علموا عجزه عن نصرتهم وخافوا هجوم المسلمين عليها وأخذهم بالسيف وقتلهم وأسرهم ونهب أموالهم طلبوا الأمان فأمنهم على شرط [أن] لا يخرج أحد إلا بثيابه التي عليه بغير مال ولا سلاح ولا أثاث بيت ولا دابة ولا شيء مما بها ثم أخرجهم منه وسيرهم إلى أنطاكية وكان فتحه تاسع عشر رجب.
ذكر فتح بغراس ثم سار عن درب ساك إلى قلعة بغراس فحصرها بعد ان اختلف أصحابه في حصرها فمنهم من أشار به ومنهم من نهى عنه وقال هو حصن حصين وقلعة منيعة وهو بالقرب من أنطاكية ولا فرق بين حصره وحصرها ويحتاج أن يكون أكثر العسكر في اليزك مقابل أنطاكية فإذا كان الأمر كذلك قل المقاتلون عليه ويتعذر الوصول إليها.
فاستخار الله تعالى وسار إليها وجعل أكثر عسكره يزكا مقابل أنطاكية يغيرون على أعمالها وكانوا حذرين من الخوف من أهلها إن غفلوا لقربهم منها وصلاح الدين في بعض أصحابه على القلعة يقاتلها ونصب المنجنيقات فلم يؤثر فيها شيئا لعلوها وارتفاعها فغلب على الظنون تعذر فتحها وتأخر ملكها وشق على المسلمين قلة الماء عندهم إلا أن صلاح الدين نصب الحياض وأمر بحمل الماء إليها فخفف الأمر عليهم.