وأقام العسكر على دمشق ما بين قوة وضعف وانتصار وتخاذل حتى أرسل الملك العادل خلف ولده الملك الكامل محمد وكان قد رحل عن ماردين على ما نذكره إن شاء الله تعالى وهو بحران فاستدعاه إليه بعسكره فسار على طريق البر فدخل إلى دمشق ثاني عشر صفر سنة ست وتسعين وخمسمائة فعند ذلك رحل العسكر عن دمشق إلى ذيل جبل الكسوة سابع عشر صفر واستقر أن يقيموا بحوران حتى يخرج الشتاء فرحلوا إلى رأس الماء وهو موضع شديد البرد فتغير العزم عن المقام واتفقوا على أن يعود كل منهم إلى بلده فعاد الظاهر صاحب حلب وأسد الدين صاحب حمص إلى بلادهما وعاد الأفضل إلى مصر فكان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر وفاة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وولاية ابنه محمد في هذه [السنة]، ثامن عشر ربيع الآخر وقيل جمادى الأولى توفي أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن صاحب المغرب والأندلس بمدينة سلا وكان قد سار إليها من مراكش وكان قد بنى مدينة محاذية لسلا وسماها المهدية من أحسن البلاد وأنزهها فسار إليها يشاهدها فتوفي بها وكانت ولايته خمس عشر سنة وكان ذا جهاد للعدو ودين حسن وسيرة وكان يتظاهر بمذهب الظاهرية وأعرض عن مذهب مالك فعظم أمر الظاهرية في أيامه وكان بالمغرب منهم خلق كثير يقال لهم الجرمية منسوبون إلى ابن محمد بن حزم رئيس الظاهرية إلا أنهم مغمورون