عزم أهل هذا الأسطول على أخذ من يخرج منها من أهلها غيظا وحنقا حيث سلموها سريعا فسمع بذلك أهل لاذقية فأقاموا وبذلوا الجزية وكان سبب مقامهم.
ثم إن مقدم هذا الأسطول طلب من السلطان الأمان ليحضر عنده فأمنه وحضر [وقبل] الأرض بين يديه وقال ما معناه إنك سلطان رحيم كريم وقد فعلت بالفرنج ما فعلت فذلوا فاتركهم يكونون مماليك وجندك تفتح بهم البلاد والممالك وترد عليهم بلادهم وإلا جاءك من البحر ما لا طاقة لك به فيعظم عليك الأمر ويشتد الحال.
فأجابه صلاح الدين بنحو من كلامه من إظهار القوة والاستهانة بكل من يجيء من البحر وأنهم إن خرجوا أذاقهم ما أذاق أصحابهم من القتل والأسر فانقلب على وجهه ورجع إلى أصحابه.
ذكر فتح صهيون وعدة الحصون ثم رحل صلاح الدين عن لاذقية في السابع من جمادي الأولى وقصد قلعة صهيون وهي قلعة منيعة شاهقة في الهواء صعبة المرتقى على قرنة جبل يطيف بها واد عميق فيه ضيق في بعض المواضع بحيث أن حجر المنجنيق يصل منه إلى الحصن إلا أن الجبل متصل بها من جهة الشمال وقد عملوا لها خندقا عميقا لا يرى قعره وخمسة أسوار منيعة فنزل صلاح الدين على هذا الجبل الملتصق بها ونصبت عليه المنجنيقات ورماها وتقدم إلى ولده الظاهر صاحب حلب فنزل على المكان الضيق من الوادي ونصب عليه المنجنيقات فرمى الحصن منه.