طوائف، فأراد أحد المقدمين أن يفوز بالظفر وحده دون أصحابه فعبر فيمن معه إلى ناصر الدولة وحمل عليه فقاتله فظفر به ناصر الدولة فأخذه أسيرا وأكثر القتل في أصحابه وعبر العسكر الثاني ولم يشعروا بما جرى على أصحابهم فحمل ناصر الدولة عليهم ورفع رؤوس القتلى على الرماح فوقع الرعب في قلوبهم فانهزموا وقتل أكثرهم وقويت نفس ناصر الدولة.
وعبر العسكر الثالث فهزمه وأكثر القتل فيهم وأسر مقدمهم وعظم أمره ونهب الريف فأقطعه وقطع الميرة عن مصر برا وبحرا فغلت الأسعار بها وكثر الموت بالجوع وامتدت أيدي الجند بالقاهرة إلى النهب والقتل وعظم الوباء حتى أن أهل البيت الواحد كانوا يموتون كلهم في ليلة واحدة.
واشتد الغلاء حتى أن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار فاستبعد ذلك فقيل إنها باعت عروضا قيمتها الف دينار بثلاثمائة دينار واشترت بها حنطة حملها الحمال على ظهره فنهبت الحنطة في الطريق هي مع الناس فكان الذي حصل لها مما عملته رغيفا واحدا.
وقطع ناصر الدولة الطريق برا وبحرا فهلك العالم ومات أكثر أصحاب المستنصر وتفرق كثير منهم فراسل الأتراك من القاهرة ناصر الدولة في الصلح فاصطلحوا على أن يكون تاج الملوك شادي نائبا عن ناصر الدولة بالقاهرة ويحمل المال إليه ولا يبقى معه لأحد حكم.
فلما دخل تاج الملوك إلى القاهرة تغير عن القاعدة واستبد بالأموال دون ناصر الدولة ولم يرسل إليه منها شيئا فصار ناصر الدولة إلى الجيزة واستدعى إليه شادي وغيره من مقدمي الأتراك فخرجوا إليه إلا أقلهم فقبض عليهم