وعظم أمر ناصر الدولة وقويت شوكته وتفرد بالأمر دون الأتراك فامتنعوا من ذلك وعظم عليهم وفسدت نياتهم له فشكوا ذلك إلى الوزير وقالوا كلما خرج الخليفة مال اخذ أكثره له ولحاشيته ولا يصل إلينا منه إلا القليل فقال الوزير إنما وصل إلى هذا وغيره بكم فلو فارقتموه لم يتم له أمر فاتفق رأيهم على مفارقة ناصر الدولة وإخراجه من مصر فاجتمعوا وشكوا إلى المستنصر وسألوه أن يخرج عنهم ناصر الدولة فأرسل إليه يأمره بالخروج ويتهدده إن لم يفعل فتخرج من القاهرة إلى الجيزة ونهبت داره ودور حواشيه وأصحابه.
فلما كان الليل دخل ناصر الدولة مستخفيا إلى القائد المعروف بتاج الملوك شادي فقبل رجله وقال اصطنعني فقال أفعل فحالفه على قتل مقدم من الأتراك اسمه الدكز والوزير الخطير، وقال ناصر الدولة لشادي تركب في أصحابك وتسير بين القصرين فإذا أمكنتك الفرصة فيهما فاقتلهما.
وعاد ناصر الدولة إلى موضعه إلى الجيزة وفعل شادي ما أمره فركب الدكز إلى القصر فرأى شادي في جمعه فأنكره وأسرع فدخل القصر ففاته ثم أقبل الوزير في موكبه فقتله شادي وأرسل إلى ناصر الدولة يأمره بالركوب فركب إلى باب القاهرة فقال الدكز للمستنصر إن لم تركب وإلا هلكت أنت ونحن فركب ولبس سلاحه وتبعه خلق عظيم من العامة والجند واصطفوا للقتال فحمل الأتراك على ناصر الدولة فانهزم وقتل من أصحابه خلق كثير ومضى منهزما على وجهه لا يلوي على شيء وتبعه فل أصحابه فوصل إلى بني سنبس فأقام عندهم وصاهرهم فقوي بهم.
وتجهزت العساكر إليه ليبعدوه فساروا حتى قربوا منه وكانوا ثلاث