الجواب أنه لا علم له بما فعل العبيد وأنه لا حقيقة له فظنوا قوله حيلة عليهم.
ثم قوي الخبر بقرب العبيد منهم بكثرتهم فأجفل الأتراك وكتامة المصامدة وكانت عدتهم ستة آلاف فالتقوا بموضع يعرف بكوم الريش واقتتلوا فانهزم الأتراك ومن معهم إلى القاهرة وكان بعضهم قد كمن في خمسمائة فارس فلما انهزم الأتراك خرج الكمين على ساقة العبيد ومن معهم وحملوا عليهم حملة منكرة وضربت البوقات فارتاع العبيد وظنوها مكيدة من المستنصر وأنه قد ركب في باقي العسكر فانهزموا وعاد عليهم الأتراك وحكموا فيهم السيوف، فقتل منهم وغرق نحو أربعين ألفا وكان يوما مشهودا.
وقويت نفوس الأتراك وعرفوا حسن رأي المستنصر فيهم وتجمعوا وحشدوا فتضاعفت عدتهم وزادت واجباتهم للانفاق فيهم فخلت الخزائن واضطربت الأمور وتجمع باقي العسكر من الشام وغيره إلى الصعيد فاجتمعوا مع العبيد فصاروا خمسة عشر الف فارس وراجل وساروا إلى الجيزة فخرج عليهم الأتراك ومن معهم واقتتلوا في الماء عدة أيام ثم عبر الأتراك النيل إليهم مع ناصر الدولة بن حمدان فاقتتلوا فانهزم العبيد إلى الصعيد وعاد ناصر الدولة والأتراك منصورين.
ثم إن العبيد اجتمعوا بالصعيد في خمسة عشر الف فارس وراجل فقلق الأتراك لذلك فحضر مقدموهم دار المستنصر لشكوى حالهم فأمرت أم المستنصر من عندها من العبيد بالهجوم على المقدمين والفتك بهم ففعلوا ذلك وسمع ناصر الدولة الخبر فهرب إلى ظاهر البلد واجتمع الأتراك إليه،