ووقعت الحرب بينهم وبين العبيد ومن تبعهم من مصر والقاهرة وحلف الأمير ناصر الدولة بن حمدان أنه لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعاما حتى ينفصل الحال بينهم فبقيت الحرب ثلاثة أيام ثم ظفر بهم ناصر الدولة وأكثر القتل فيهم ومن سلم هرب وزالت دولتهم من القاهرة.
وكان بالإسكندرية جماعة من العبيد فلما كانت هذه الحادثة طلبوا الأمان فأمنوا وأخذت منهم الإسكندرية وبقي العبيد الذين بالصعيد.
فلما خلت الدولة للأتراك طمعوا في المستنصر وقل ناموسه عندهم وطلبوا الأموال فخلت الخزائن فلم يبق فيها شيء البتة واختل ارتفاع الأعمال وهم يطالبون واعتذر المستنصر بعدم الأموال عنده فطلب ناصر الدولة العروض فأخرجت إليهم وقومت بالثمن البخس وصرفت إلى الجند قيل إن واجب الأتراك كان في الشهر عشرين ألف دينار فصار الآن في الشهر أربعمائة ألف دينار.
وأما العبيد بالصعيد فإنهم أفسدوا وقطعوا الطريق وأخافوا السبيل فسار إليهم ناصر الدولة في عسكر كثير فمضى العبيد من بين يديه إلى الصعيد الأعلى فأدركهم فقاتلهم وقاتلوه فانهزم ناصر الدولة منهم وعاد إلى الجيزة بمصر واجتمع إليه من سلم من أصحابه وشغبوا على المستنصر واتهموه بتقوية العبيد والميل إليهم ثم جهزوا جيشا وسيروه إلى طائفة من العبيد بالصعيد وقاتلوهم فقتل تلك الطائفة من العبيد فوهن الباقون وزالت دولتهم.