فاصطنع الغلمان الأتراك واستمالهم وزاد في أرزاقهم فلما وثق بهم وضعهم على قتل اليهودي فقتلوه فعظم الأمر على أم المستنصر وأغرت به ولدها فقبض عليه وأرسلت من قتله تلك الليلة وكان بينهما في القتل تسعة أشهر.
ووزر بعده أبو البركات حسن بن محمد فوضعه على الغلمان الأتراك فأفسد أحوالهم وشرع يشتري العبيد للمستنصر واستكثر منهم فوضعته أم المستنصر ليغري العبيد المجردين بالأتراك فخاف عاقبة ذلك وعلم أنه يورث شرا وفسادا فلم يفعل فتنكرت له وعزلته عن الوزارة.
وولي بعده الوزارة أبو محمد اليازوري من قرية من قرى الرملة اسمها يازور فأمرته أيضا بذلك فلم يفعل وأصلح الأمور إلى أن قتل.
ووزر أبو عبد الله الحسين بن البابلي فأمرته بما أمرت به غيره من الوزراء من إغراء العبيد بالأتراك ففعل فتغيرت نياتهم.
ثم إن المستنصر ركب ليشيع الحجاج فأجرى بعض الأتراك فرسه فوصل به إلى جماعة العبيد المحدثين وكانوا يحيطون بالمستنصر فضربه أحدهم فجرحه فعظم ذلك على الأتراك ونشبت الحرب ثم اصطلحوا على تسليم الجارح إليهم واستحكمت العداوة فقال الوزير للعبيد خذوا حذركم فاجتمعوا في محلتهم.
وعرف الأتراك ذلك فاجتمعوا إلى مقدميهم وقصدوا ناصر الدولة بن حمدان وهو أكبر قائد بمصر وشكوا إليه واستمالوا المصامدة وتعاهدوا وتعاقدوا فقوي الأتراك وضعف العبيد المحدثون فخرجوا من القاهرة إلى الصعيد ليجتمعوا هناك فانضاف إليهم خلق كثير يزيدون على خمسين ألف فارس وراجل فخاف الأتراك وشكوا إلى المستنصر فأعاد