عم إني أرى ما يسام أبي من إخراج هذا الأمر من عنقه وهو يؤذي بصنوف الأذى بالمكروه فهو يهدد مرة ويؤخر إذنه مرة ويهدم عليه الحيطان مرة وتدس إليه الحتوف مرة وأبي لا يعطي على ذلك شيئا ولا يكون ذلك ابدا ولكن ههنا طريق لعله يعطي عليها وإلا فلا قال وما هو قال يقبل عليه أمير المؤمنين وأنا شاهد فقول له إني أعلم إنك لا تبخل بهذا [عن المهدي] لنفسك لكبر سنك وأنه لا تطول مدتك فيه وغنما تبخل له لابنك أفتراني أدع ابنك يبقى بعدم حتى يلي على ابني؟ كلا والله لا يكون ذلك ابدا ولأثبن على ابنك وأنت تنظر حتى ييأس منه فإن فعل ذلك فلعله أن يجيب إلى ما يراد منه.
فجاء العباس إلى المنصور وأخبره بذلك فلما اجتمعوا عنده قال ذلك، وكان عيسى بن علي حاضرا فقام ليبول فأمر عيسى بن موسى ابنه موسى ليقوم معه يجمع عليه ثيابه فقام معه فقال له عيسى بن علي بأبي أنت وبأبي أب ولدك والله إني لأعلم أنه لا خير في هذا الأمر بعدكما وأنكما لأحق له ولكن المرء مغرى بما تعجل، فقال موسى [في نفسه]: أمكنني هذا والله من مقاتله وهو الذي يغرى بأبي والله لأقتلنه فلما رجعا قال موسى لأبيه ذلك سرا فاستأذنه في أن يقول للمنصور ما سمع منه فقال له أبوه إن لهذا رأيا ومذهبا أئتمنك عمك على مقالة أراد أن يسرك لها فجعلتها سببا لمكروهه لا يسمعن هذا أحد ارجع إلى مكانك.