فلما رجع إلى مكانه أمر المنصور الربيع فقام إلى موسى فخنقه بحمائله وموسى يصيح الله الله في دمي يا أمير المؤمنين وما يبالي عيسى أن تقتلني وله بضعة عشر ذكرا والمنصور يقول يا ربيع أزهق نفسه والربيع يوهم أنه يريد تلفه وهو يرفق به وموسى يصيح. فلما رأى ذلك أبوه قال والله يا أمير ما كنت أظن أن الأمر يبلغ منك هذا كله فاكفف عنه فها أنا ذا أشهدك أن نسائي طوالق ومماليكي [أحرار] وما أملك في سبيل الله تصرف ذلك فيمن رأيت يا أمير المؤمنين وهذه يدي بالبيعة للمهدي فبايعه للمهدي ثم جعل عيسى بن موسى بعد المهدي.
فقال بعض أهل الكوفة هذا الذي كان غدا فصار بعد غد.
وقيل إن المنصور وضع الجند وكانوا يسمعون عيسى بن موسى ما يكره فشكا ذلك من فعلهم فنهاهم المنصور عنه وكانوا يكفون ثم يعودون ثم أنهما تكاتبا أغضبت المنصور، وعاد الجند معه لأشد ما كانوا منهم أسد بن المرزبان وعقبة بن سلم ونصر بن حرب بن عبد الله وغيرهم فكانوا يمنعونه من الدخول عليه ويسمعونه فشكاهم إلى المنصور فقال له يا بن أخي أنا والله أخافهم عليك وعلى نفسي فإنهم يحبون هذا الفتى فلو قدمته بين يديك لكفوا فأجاب عيسى إلى ذلك.
وقيل: إن المنصور استشار خالد بن برمك في ذلك وبعثه إلى عيسى فأخذ معه ثلاثين من كبار شيعة المنصور ممن يختارهم وقال لعيسى في أمر البيعة فامتنع.
فرجعوا إلى المنصور وشهدوا على عيسى أنه خلع نفسه فبايع للمهدي وجاء عيسى فأنكر ذلك فلم يسمع منه وشكر لخالد صنيعه وقيل بل اشترى المنصور منه ذلك قدره أحد عشر ألف ألف درهم