وبأبا آخر جيء به من الكوفة كان عمله خالد بن عبد الله القسري وجعل المدينة مدورة لئلا يكون بعض الناس أقرب إلى السلطان من بعض وعمل ها سورين السور الداخل أعلى من الخارج وبنى قصره في وسطها والمسجد الجامع بجانب القصر وكان الحجاج بن أرطأة هو الذي خط المسجد وقبلته غسر مستقيمة يحتاج المصلى أن ينحرف إلى باب البصرة لأنه وضع بعد القصر، وكان القصر غير مستقيم على القبلة.
وكان اللبن الذي يبنى به ذراع في ذراع ووزن بعضها لما نقض فكان وزن لبنة منه مائة رطل وستة عشر رطلا، وكان مقاصير جماعة من قواد المنصور وكتابه تشرع أبوابها إلى رحبة الجامع فطلب إليه عمه عيسى بن علي أن يأذن له في الركوب من باب الرحبة إلى القصر لضعفه فلم يأذن له قال فاحسبني راوية فأمر الناس بإخراج أبوابهم من الرحبة إلى فصلان الطاقات.
وكأنت الأسواق في المدينة فجاء رسول لملك الروم فأمر الربيع فطاف به في المدينة فقال كيف رأيت قال رأيت بناء حسنا إلا أني رأيت أعداءك معك وهم السوقة فلما عاد الرسول عنه أمر باخراجهم إلى ناحية الكرخ.
وقيل: إنما أخرجهم لأن الغرباء يطرقونها ويبيتون فيها وربما كان فيهم الجاسوس.
وقيل: إن المنصور كان يتبع من خرج مع إبراهيم بن عبد الله وكان أبو زكريا يحيى بن عبد الله محتسب بغداد له مع إبراهيم ميل فجمع جماعة من السفلة فشغبوا على المنصور فسكنهم وأخذ أبا زكريا فقتله وأخرج