وقام بعض أهل الكوفة ليأمره بالمسير إليها ليدعو إليه الناس وقال أدعوهم سرا ثم أجهر فإذا سمع المنصور الهيعة بأرجاء الكوفة لم يرد وجهه شيء دون حلوان فاستشار بشيرا الرحال فقال لو وثقنا بالذي تقول لكان رأيا ولكنا لا نأمن أن تجيئك منهم طائفة فيرسل إليهم المنصور الخيل فيأخذ البريء والصغير والمرأة فيكون ذلك تعرضا للمأثم فقال الكوفي كأنكم خرجتم لقتال المنصور وأنتم تتوقون قتل الضعيف والمرأة والصغير أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث سراياه ليقاتل ويكون نحو هذا فقال بشير أولئك كفار وهؤلاء مسلمون.
واتبع إبراهيم رأيه وسار حتى نزل باخمرى وهي من الكوفة على ستة عشر فرسخا مقابل عيسى بن موسى فأرسل إليه سلم بن قتيبة إنك قد أصحرت ومثلك أنفس به عن الموت فخندق على نفسك حتى لا تؤتى إلا من مأتى واحد فإن أنت لم تفعل فقد أغرى أبو جعفر عسكره فتخفف في طائفة حتى تأتيه فتأخذ بقفاه فدعا إبراهيم أصحابه وعرض عليهم ذلك فقالوا: نخندق على أنفسنا ونحن الظاهرون عليهم لا والله لا نفعل قال فنأتي أبا جعفر قالوا: ولم هو في أيدينا متى أردناه فقال إبراهيم للرسول أتسمع؟ فارجع راشدا.
ثم انهم تصافوا، فصف إبراهيم أصحابه صفا واحدا فأشار عليه بعض أصحابه بأن يجعلهم كراديس فإذا انهزم كردوس ثبت كردوس فإن الصف إذا انهزم بعضه تداعى سائره فقال الباقون لا نصف إلا صف أهل الإسلام يعني قول الله تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) الآية.