خشي فسادهم أمر به فقتل وصلب وكان عمره تسعين سنة فلما بلغ ابنيه قتله حشدا من ماردة إلى أربونة فاجتمع إليهما مائة ألف وزحفوا إلى بلج ومن معه بقرطبة فخرج إليهم بلج فلقيهم فيمن معه من أهل الشام بقرب قرطبة فهزمهما ورجع إلى قرطبة فمات بعد أيام يسيرة.
وكان سبب قدوم بلج الأندلس انه كان مع عمه كلثوم بن عياض في وقعة البربر سنة ثلاث وعشرين وقد تقدم ذكرها فلما قتل عمه سار إلى الأندلس فاجازه عبد الملك بن قطن إليها وكان سبب قتله.
ثم ولى أهل الشام على الأندلس مكانه ثعلبة بن سلامة العاملي فأقام إلى ان قدم أبو الخطار واليا على الأندلس سنة خمس وعشرين ومائة فدان له أهل الأندلس واقبل إليه ثعلبة وابن أبي نسعة وابنا عبد الملك فآمنهم وأحسن إليهم واستقام أمره وكان شجاعا ذا رأي وكرم وكثر أهل الشام عنده فلم تحملهم قرطبة ففرقهم في البلاد فانزل أهل دمشق البيرة لشبهها بها وسماها دمشق وانزل أهل حمص إشبيلية وسماها حمص وانزل أهل قنسرين بجيان وسماها قتسرين وانزل أهل الأردن برية وسماها الأردن وانزل أهل فلسطين بشذونة وسماها فلسطين وانزل أهل كصر بتدمير وسماها مصر لشبهها بها، ثم تعصب اليمانية وكان ذلك سببا لتألب الصميل بن حاتم عليه مع مضر وحربه وخلعه وقامت هذه الفتنة سنة سبع وعشرين ومائة.
وكان الصميل بن حاتم بن شمر ابن ذي الجوشن قد قدم الأندلس في امداد الشام فراس بها فأراد أبو الخطار ان يضع منه فأمر به يوما وعنده الجند فشتم وأهين فخرج وعمامته مائلة فقال له بعض الحجاب: ما بال عمامتك