له: بم نلت ما أنت فيه من القهر للأعداء فقال ارتديت الصبر وآثرت الكتمان وحالفت الأحزان والأشجان وسامحت المقادير والاحكام حتى بلغت غاية همتي وأدركت نهاية بغيتي؛ ثم قال:
(قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت * عنه ملوك بني ساسان إذ حشدوا) (ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا * من رقدة لم ينمها قبلهم أحد) (طفقت أسعى عليهم في ديارهم * والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا) (ومن رعى غنما في أرض مسبعة * ونام عنها تولى رعيها الأسد) وقيل: إن أبا مسلم ورد نيسابور على حمار باكاف وليس معه آدمي فقصد في بعض الليالي دارا لفاذوسيان فدق عليه الباب ففزع أصحابه وخرجوا إليه فقال لهم قولوا للدهقان ان أبا مسلم بالباب يطلب منك ألف درهم ودابة فقالوا: للدهقان ذلك فقال الدهقان في أي زي واي عدة فأخبروه أنه وحده في أدون زي فسكت ساعة ثم دعا بألف درهم ودابة من خواص دوابه وأذن له وقال يا أبا مسلم قد أسعفناك بما طلبت وإن عرضت حاجة أخرى فنحن بين يديك فقال ما نضيع لك ما فعلته.
فلما ملك قال له بعض أقاربه إن فتحت نيسابور أخذت كل ما تريده من مال الفاذوسيان دهقانها المجوسي فقال أبو مسلم له عندنا يد فلما ملك نيسابور اتته هدايا الفاذوسيان فقيل له: لا تقبلها واطلب منه الأموال فقال له عندي يد ولم يتعرض له ولا لأحد من أصحابه وأمواله وهذا يدل على علو همة وكمال مروءة.
* * *