تبصرنا فدخلنا في بساتين على الفرات فسبقنا الخيل إلى الفرات فسبحنا فاما أنا فنجوت والخيل ينادوننا بالأمان ولا ارجع وأما أخي فإنه عجز عن السباحة في نصف الفرات فرجع إليهم بالأمان وأخذوه فقتلوه وانا انظر إليه وهو ابن ثلاث عشرة سنة فاحتملت فيه ثكلا ومضيت لوجهي فتواريت في غيضة أشبة حتى انقطع الطلب عني وخرجت فقصدت المغرب فبلغت إفريقية.
ثم ان أخته ام الأصبغ ألحقته بدرا ومولاه ومعه نفقة له وجوهر فلما بلغ إفريقية لج عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة الفهري قيل هو والد يوسف أمير الأندلس وكان عبد الرحمن عامل إفريقية في طلبه واشتد عليه فهرب منه فاتى مكناسة وهم قبيل من البربر فلقي عندهم شدة يطول ذكرها ثم هرب من عندهم فاتى نفزاوة وهم أخواله وبدر معه.
وقيل اتى قوما من الزناتيين فأحسنوا قبوله واطمأن فيهم وأخذ في تدبير المكاتبة إلى الأمويين من أهل الأندلس يعلمهم بقدومه ويدعوهم إلى نفسه ووجه بدرا مولاه إليهم وأمير الأندلس حينئذ يوسف بن عبد الرحمن الفهري.
فسار بدر إليهم واعلمهم حال عبد الرحمن ودعاهم إليه فأجابوه ووجهوا له مركبا فيه ثمامة بن علقمة ووهب بن الأصفر وشاكر بن أبي الاسمط فوصلوا إليه وأبلغوه طاعتهم له وأخذوه ورجعوا إلى الأندلس فارسي في المكنب في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين ومائة فاتاه جماعة من رؤسائهم من أهل إشبيلية وكأنت أيضا نفوس أهل اليمن حنقة على الصميل ويوسف الفهري فاتوه ثم أنتقل إلى كورة رية فبايعه عاملها عيسى بن مساور ثم اتى شذونة فبايعه غياث بن علقمة اللخمي ثم اتى مورور فبايعه إبراهيم ابن شجرة عاملها ثم اتى إشبيلية فبايعه أبو الصباح يحيى بن يحيى ونهض إلى قرطبة.
فبلغ خبره إلى يوسف وكان غائبا عن قرطبة بنواحي طليلة فاتاه