يعف عني فقد ما عرف به ونسب إليه وإن يعاقبني فيما قدمت يداي وما الله بظلام للعبيد.
وخرج أبو مسلم مراغما مشاقا، وسار المنصور من الأنبار إلى المدائن وأخذ أبو مسلم طريق حلوان فقال المنصور لعمه عيسى بن علي ومن حضر من بني هاشم اكتبوا إلى أبي مسلم فكتبوا إليه يعظمون أمره ويشكرونه ويسألونه أن يتم على ما كان منه وعليه من الطاعة ويحذرونه عاقبة البغي ويأمرونه بالرجوع إلى المنصور.
وبعث المنصور الكتاب مع أبي حميد المروروزي وقال له كلم أبا مسلم بألين ما تكلم به أحدا ومنه وأعلمه أني رافعه وصانه به ما لم يصنعه به أحد إن هو صلح وراجع ما أحب فإن أبى أن يرجع فقل له يقول لك أمير المؤمنين لست من العباس واني بريء من محمد إن مضيت مشاقا ولم تأتني إن وكلت أمرك إلى أحد سواي وإن لم أل طلبك وقتالك بنفسي ولو خضت البحر لخضته أو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك أو أموت قبل ذلك ولا تقولن [له] هذا الكلام حتى تيأس من رجوعه ولا تطمعن منه في خير.
فسار أبو حميد فقدم على أبي مسلم بحلوان فدفع إليه الكتاب وقال له إن الناس يبلغونك عن أمير المؤمنين ما لم يقله وخلاف ما عليه رأيه منك حسدا وبغيا يريدون إزالة النعمة وتغييرها فلا تفسد ما كان منك وكلمه وقال يا أبا مسلم انك لم تزل أمير آل محمد يعرفك بذلك الناس وما ذخر الله لك من الأجر عنده في ذلك أعظم مما أنت فيه من دنياك فلا تحبط أجرك ولا يستهوينك الشيطان.