فلما طال عتاب المنصور قال لا يقال هذا لي بعد بلائي وما كان مني قال يا ابن الخبيثة والله لو كأنت أمة مكانك لأجزأت إنما عملت في دولتنا وبريحنا فلو كان ذلك إليك ما قطعت فتيلا.
فأخذ أبو مسلم بيده يقبلها ويعتذر إليه فقال له المنصور ما رأيت كاليوم والله ما زدتني الا غضبا قال أبو مسلم دع هذا فقد أصبحت ما أخاف [إلا] الله تعالى. فغضب المنصور وشتمه وصفق بيده على الأخرى فخرج عليه الحرس فضربه عثمان بن هيك فقطع حمائل سيفه فقال استبقني لعدوك يا أمير المؤمنين فقال لا أبقاني الله إذا أعدو اعدى لي منك وأخذه الحرس بسيوفهم حتى قتلوه وهو يصيح العفو فقال المنصور يا ابن اللخناء العفو والسيوف قد اعتورتك فقتلوه في شعبان لخمس بقين منه فقال المنصور:
(زعمت أن الدين لا يقتضي * فاستوف بالكيل أبا مجرم) (سقيت كأسا وكنت تسقي بها * أمر في الحلق من العلقم) وكان أبو مسلم قد قتل في دولته ستمائة ألف صبرا.
فلما قتل أبو مسلم دخل أبو الجهم على المنصور فرأى أبا مسلم قتيلا فقال الا أرد الناس؟ قال: بلى فمر بمتاع يحمل إلى رزاق آخر.
وخرج أبو الجهم فقال انصرفوا فان الأمير يريد القائلة عند أمير المؤمنين ورأوا المتاع ينقل فظنوه صادقا فانصرفوا وأمر لهم المنصور بالجوائز فأعطى أبا إسحاق مائة ألف.
ودخل عيسى بن موسى على المنصور بعد قتل أبي مسلم فقال يا أمير المؤمنين أين أبو مسلم فقال قد كان هاهنا [آنفا]. فقال عيسى: قد عرفت نصيحته وطاعته ورأي الامام إبراهيم كان فيه فقال يا أحمق والله ما اعلم في