عدو إلا أمكنه الله منه وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان أن أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء فنحن نافرون عن قربك حريصون على الوفاء لك وما وفيت حريون بالسمع والطاعة غير أنها من بعيد حيث يقارنها السلامة فإن أرضاك ذلك فأنا كأحسن عبيدك وإن أبيت إلا أن تعطي نفسك أرادتها نقضت ما أبرمت من عهدك ضنا بنفسي.
فلما وصل الكتاب إلى المنصور كتب إلى أبي مسلم قد فهمت كتابك وليست صفتك صفة أولئك الوزراء الغششة ملوكهم الذين يتمون اضطراب حبل الدولة لكثرة جرائمهم فإنما راحتهم في انتشار نظام الجماعة فلم سويت نفسك بهم فأنت في طاعتك ومناصحتك واضطلاعك بما حملت من أعباء هذا الأمر على ما أنت به وليس مع الشريطة التي أوجبت منك سمعا ولا طاعة وحمل إليك أمير المؤمنين عيسى بن موسى رسالة لتسكن إليها إن أصغيت وأسأل الله أن يحول بين الشيطان ونزغاته وبينك فإنه لم يجحد بأبا يفسد به نيتك أو كد عنده وأقرب من الباب الذي فتحه عليك.
وقيل: بل كتب إليه أبو مسلم أما بعد فإني اتخذت رجلا إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقته وكان في محلة العلم نازلا وفي قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا فاستجهلني بالقرآن فحرفه عن مواضعه طمعا في قليل قد نعاه الله إلى خلقه فكان كالذي دلى بغرور وأمرني أن أجرد السيف وأرفع الرحمة ولا أقبل المعذرة ولا أقيل العثرة ففعلت توطئة لسلطانكم حتى عرفكم الله من كان يحملكم ثم استنقذني الله بالتوبة، فإن