غاية الأمر كونه ثقة في نقل الحديث خاصة، كما مر في اللفظ المزبور، إلا أن هناك استظهرنا وثاقته في نفسه من قرائن أخر، فلو وجد مثلها في المقام، لم نكن نأبى عنه، وإلا فالمسلم وثاقته في الحديث.
وأما الوجه الثالث: فلعل منشأه اختصاص صحة السند بوثاقة من فيه، كما عليه الاصطلاح المتأخر، مع ملاحظة ما مر في وجه المشهور، فقد أخذ بظاهر الإجماع المفيد لصحة الرواية ممن قيل في حقه ما ذكر إلى آخر السند، وبظاهر الاصطلاح المتأخر المقتضى لحمل الصحة على عدالة الرواة.
ووجه فساده وتوهمه: أن اللفظ المزبور منقول عن الكشي أو من سبقه، وهو من القدماء، والواجب حمل ألفاظهم على مصطلحهم، واصطلاحهم في الصحة إنما هو على كون الرواية معتبرة موثوقا بصدورها عن المعصوم عليه السلام ولو لقرائن خارجية، فالمجمع عليه هو الصحة بهذا المعنى وهو الذي عليه المشهور، وصرح به الكاظمي، ويظهر من عبائرهم التي منها عبارة المحقق الداماد، وقد تقدمت.
فلا تغتر ببعض عبائر الفوائد الرجالية، المفيدة لاستفادة الوثاقة من ذلك، لكن في خصوص أهل الإجماع دون من بعده إلى آخر السند.
كيف! ولو كان ذلك لحمل الصحة على الاصطلاح المتأخر ووجب أن يقول بوثاقة من يروى عنه أهل الإجماع فإنه - كما مر - أخذ بظاهر العبارة كالمشهور ولا يقول بها، وكان ما في لب اللباب (1) من دعواه إجماع العصابة على ما سمعت ناظرا إلى هذه العبارة، وهو كما ترى لأنه في آخر الفائدة ذكر ما ينافي ذلك حيث قال: " عندي أن رواية هؤلاء إذا صحت إليهم لا تقصر عن أكثر الصحاح ". (2) والعبارة المزبورة هذه: " نعم يرد عليهم أن تصحيح القدماء حديث شخص لا يستلزم التوثيق إلا أنه يمكن أن يقال: يبعد أن لا يكون رجل ثقة ومع ذلك تتفق