المكلف بالتكليف بالزكاة وشك في أن الواجب المكلف به خمسة دنانير أو عشرة دنانير، وهذا هو الأقل والأكثر الاستقلاليان، ولا إشكال في أن العلم الاجمالي ينحل في هذا المورد ويتنجز فيه وجوب الأقل للعلم التفصيلي به ويكون الزائد عليه مشكوكا شكا بدويا و تجري فيه البراءة.
والقسم الاخر من الأقل والأكثر هو الأقل والأكثر الارتباطيان، كما لو شك في أن الصيام الواجب إلى غروب الشمس أو إلى زوال الحمرة المشرقية بعد غروب الشمس، وهو موضع خلاف معروف بين المحققين من الأصوليين، ومنشأ الخلاف أن هذا القسم من التردد بين الأقل والأكثر هل هو من قبيل التردد بين الأقل والأكثر المستقلين فينحل العلم الاجمالي بتنجيز الأقل، أو أنه من قبيل دوران الامر بين المتباينين، فينجز فيه الأكثر وهو الاستمرار في الصيام إلى غياب الحمرة المشرقية؟.
ولا بد من التنبيه إلى أن دوران الامر بين الأقل والأكثر كما يجري في موضوعات الواجبات (متعلق المتعلق) كالمثال الذي ذكرناه للأقل والأكثر المستقلين كذلك يجري في نفس الواجب (المتعلق) كالمثال الذي ذكرناه لدوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
الوظيفة العقلية لدى الشك في التكليف:
لا شك في أن وظيفة المكلف عند الشك في التكليف هو الاخذ بالبراءة والخلاف بين الأصوليين في مصدر هذه الوظيفة. هل هو الشرع أم الشرع والعقل. والوحيد البهبهاني رحمه الله يذهب إلى الرأي الثاني.
وما يهمنا هنا في هذا البحث هو الوظيفة العقلية للمكلف لدى الشك في التكليف ورأي الوحيد البهبهاني رحمه الله في ذلك.