التنظير والتقسيم للشك:
يغطي مباحث الشك في علم الأصول الحديث مساحة واسعة من هذا العلم، إن لم يغط معظم مسائل ومباحث هذا العلم، وذلك لان الأصول العملية جميعا تندرج في مباحث الشك، ومباحث الأصول العملية من أوسع وأهم مباحث هذا العلم.
ولم يكن للشك في دراسات القدماء، للأصول عنوان خاص وباب معين، فضلا من أن يغطي هذا العنوان مساحة واسعة كالمساحة التي يستوعبها هذا العنوان من علم الأصول في كتاب (فرائد الأصول) للشيخ الأنصاري وما صدر بعد هذا الكتاب من الدراسات الأصولية.
والشيخ الأنصاري رحمه الله هو رائد أول تنظيم منهجي لمباحث الشك في علم الأصول من دون شك، كما هو رائد التنظيم المنهجي الحديث للمباحث العقلية عموما، والتي تشمل مباحث القطع والظن والشك، ولكن الوحيد البهبهاني هو مؤسس التنظير الحديث للشك، وتقسيم الشك إلى الشك في التكليف والشك في المكلف به، وهذا الفتح في هذا العلم مما يسره الله تعالى لهذا العبد الصالح الذي آثره الله بفتوحات جمة في هذا العلم وليس من شك أن علم الأصول الحديث مدين في هذا التنظير والتقسيم للشك للوحيد البهبهاني رحمه الله.
وما استنبطه الوحيد رحمه الله من الوظيفة لكل من حالتي الشك في التكليف والشك في المكلف به، بحكم العقل، مما لا نجد له ذكرا واضحا بصورة منهجية ومنظمة في آثار المحققين من علماء الأصول ممن سبقوا الوحيد رحمه الله ونحن فيما يلي نستعرض كلمات الوحيد رحمه الله تعالى في أقسام الشك.