أما ما لم تقم عليه الحجة، ولم يصل بيانه إلى المكلف من أوامر المولى ونواهيه فلا يعتبر مخالفته من قبل المكلف من الظلم و الخروج عن طور العبودية، فلا يستحق بذلك العقاب ولا يصح عقابه من قبل المولى، بل يقبح عقابه من جانب المولى الحكيم، لأنه لم يرتكب ظلما في علاقته بمولاه لتحسن عقوبته.
مناقشة الشهيد الصدر للبراءة العقلية:
وللمحقق الشهيد الصدر رحمه الله رأي معروف في نفي البراءة العقلية والتشكيك في القيمة العقلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وخلاصة رأي هذا المحقق الجليل أن من غير الجائز قياس حق الطاعة لله سبحانه وتعالى على عباده بحق طاعة الموالي العرفية على من يتولون أمرهم وذلك لان مولوية الله تعالى ذاتية، ومولوية الموالي العرفية مجعولة، ولا تقاس أحكام المولوية الذاتية في حق الطاعة بالمولوية العرفية.
وبناء عليه فإن انحصار حق الطاعة للمولى على المكلفين فيما وصلهم من التكاليف فقط حق إلا أنه يختص بالموالي العرفية، أما حق طاعة الله تعالى على عباده فلا يقاس بما سبق بل يشمل التكاليف المحتملة أيضا.
يقول رحمه الله: (ونحن نؤمن في هذا المسلك بأن المولوية الذاتية الثابتة لله سبحانه وتعالى لا تختص بالتكاليف المقطوعة بل تشمل مطلق التكاليف الواصلة ولو احتمالا وهذا من مدركات العقل العملي، وهي غير مبرهنة.
فكما إن أصل حق الطاعة للمنعم والخالق مدرك أولي للعقل العملي