لان (الفاء) في اللغة قد ترد بمعنى الواو في إرادة الجمع المطلق.
وقد ترد بمعنى (ثم) في إرادة التأخير مع المهلة، كما سبق تعريفه. غير أنها ظاهرة في التعقيب، بعيدة فيما سواه.
وهذه الرتب متفاوتة، فأعلاها ما ورد في كلام الله تعالى، ثم ما ورد في كلام رسوله، ثم ما ورد في كلام الراوي.
وسواء كان فقهيا أو لم يكن، لكنه إن كان فقيها كان الظن بقوله أظهر، وإذا لم يكن فقيها، وإن كان في أدنى الرتب، غير أنه مغلب على الظن، لأنه إذا قال سها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد، فالظاهر من حاله مع كونه متدينا عالما بكون (الفاء) موضوعة للتعقيب، أنه لو لم يفهم أن السهو سبب للسجود، وإلا لما رتب السجود بالفاء، لما فيه من التلبيس بنقل ما يفهم منه السببية، ولا يكون سببا، بل ولما كان تعليقه للسجود بالسهو أولى من غيره. القسم الثاني: ما لو حدثت واقعة، فرفعت إلى النبي عليه السلام، فحكم عقيبها بحكم، فإنه يدل على كون ما حدث علة لذلك الحكم.
وذلك كما روي أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: هلكت وأهلكت.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا صنعت؟ فقال واقعت أهلي في نهار رمضان عامدا. فقال له، عليه السلام: أعتق رقبة (1). فإنه يدل على كون الوقاع علة للعتق.
وذلك لأنا نعلم أن الأعرابي إنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن واقعته لبيان حكمها شرعا، وأن النبي عليه السلام، إنما ذكر ذلك الحكم في معرض الجواب له،