وإن كان الثاني فلا بد من بيانه، كيف وإنه بتقدير أن يراد به شئ آخر، فلا يجوز ذكره في تعريف القياس، لان ماهية القياس تتم بإثبات مثل حكم أحد المعلومين للآخر بأمر جامع، فكان ذكر ذلك الشئ زائدا عما يحتاج إليه.
الثاني: أن قوله في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما مشعر بأن الحكم في الأصل والفرع مثبت بالقياس، وهو محال من جهة أن القياس فرع على ثبوت الحكم في الأصل، فلو كان ثبوت الحكم في الأصل فرعا على القياس كان دورا.
الثالث: أنه كما يثبت الحكم بالقياس، فقد ثبتت الصفة أيضا بالقياس، كقولنا في الباري تعالى (عالم) فكان له علم كالشاهد. فالقياس أعم من القياس الشرعي والعقلي. وعند ذلك إما أن تكون الصفة مندرجة في الحكم، أو لا تكون.
فإن كان الأول: كان القول بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة أو نفيهما تكرارا لكون الصفة أحد أقسام الحكم. وإن كان الثاني: كان التعريف ناقصا.
الرابع: أن المعتبر في ماهية القياس، الجامع من حيث هو جامع لا أقسام الجامع وذلك إن ماهية القياس قد تنفك عن كل واحد من أقسامه بعينه وما تنفك عنه الماهية لا يكون داخلا في حدها، وأيضا فإنه لو وجب في ذكر ماهية القياس ذكر أقسام الجامع، فالحكم والصفة الجامعة أيضا كل واحد منهما منقسم إلى أقسام كثيرة لا تحصى، فكان يجب استقصاؤها في الذكر، وإلا كان الحد ناقصا، وهو محال.
الخامس: أن كلمة (أو) للترديد والشك، والتحديد إنما هو للتعيين، والترديد ينافي التعيين.
السادس: أن القياس الفاسد قياس، وهو غير داخل في هذا الحد، وذلك لان هذا القائل قد اعتبر في حده حصول الجامع، ومهما حصل الجامع كان صحيحا فالفاسد الذي لم يحصل الجامع فيه في نفس الامر، لا يكون داخلا فيه، فكان يجب أن يقال بأمر جامع في ظن المجتهد، فإنه يعم القياس الفاسد الذي لم يحصل الجامع فيه في نفس الامر.
والجواب عن الاشكال الأول أن المراد بحمل المعلوم على المعلوم إنما هو التشريك بينهما في حكم أحدهما مطلقا.
وقوله بعد ذلك (في إثبات حكم أو نفيه) إشارة إلى ذكرها تفاصل ذلك الحكم وأقسامه،