الثاني: أنه إذا كان اللفظ قد دل على نفي العمل وعدمه، فيجب عند تعذر حمل اللفظ على حقيقته، حمله على أقرب المجازات الشبيهة به، ولا يخفى أن مشابهة الفعل الذي ليس بصحيح ولا كامل للفعل المعدوم أكثر من مشابهة الفعل الذي نفي عنه أحد الامرين دون الآخر، فكان الحمل عليه أولى . فإن قيل ما ذكرتموه معارض من وجهين:
الأول: أنه يلزم منه الزيادة في الاضمار والتجوز المخالف للأصل، الثاني: أن حمله على نفي الكمال دون الصحة مستيقن، من حيث إنه يلزم من نفي الصحة نفي الكمال، ولا عكس، وإذا تقابلت الاحتمالات لزم الاجمال . قلنا: بل الترجيح لما ذكرناه، لأنه لا يلزم منه تعطيل دلالة اللفظ، بخلاف ما ذكرتموه، ولأنه على وفق النفي الأصلي، وما ذكرتموه على خلافه، فكان ما ذكرناه أولى . وعلى هذا، فقوله (ص): لا عمل إلا بنية، وإنما الأعمال بالنيات وإن لم يكن للشارع فيه عرف، كما في الصلاة والصوم ونحوهما، فعرف أهل اللغة في نفيه نفي الفائدة والجدوى، كما قررناه فيما تقدم، فلا إجمال فيه أيضا، خلافا لأبي الحسين البصري وأبي عبد الله البصري وغيرهما من المعتزلة.