وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي، وعامل عمر بن الخطاب الناس على أنه إن جاء عمر بالبذر فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا وكذا، ورأى ذلك الزهري.
قال أبو محمد: فهل يكون عمل يمكن أن يقال: إنه إجماع - أظهر من هذا أو أفشى منه؟ فقال هؤلاء المموهون باتباع أهل المدينة: هذا لا يحل ولا يجوز تقليدا لخطأ مالك في ذلك، والعجب أن مالكا لم يدع إجماع أهل المدينة إلا في نيف وأربعين مسألة فاستحل هؤلاء القدر بنفحة، وقمحوا جميع آرائه في إجماع أهل المدينة، وإنا لله وإنا إليه راجعون على فشو الكذب واختداع أهل الغفلة والاغترار بالباطل.
ثم إن المسائل المذكورة التي ذكر مالك أنها إجماع أهل المدينة تنقسم قسمين:
أحدهما: لا يعلم فيه خلاف من أحد من الناس في سائر الأمصار، وهو الأقل.
والثاني: قد وجدنا فيه الخلاف، كما هو موجود في غير المدينة.
قال أبو محمد: ونقول لهم لا يخلو ما ادعيتموه - من إجماع أهل المدينة - من أن يكون عن توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون عن اجتهاد، وقد تقدم إبطالنا لكل اجتهاد أدى إلى ما لا نص فيه، أو إلى خلاف النص. ثم لو صح لهم فمن أين جاز أن يكون اجتهاد أهل المدينة أولى من غيرهم؟ والنصوص التي يقيسون عليها معروفة عند غيرهم، كما هي عندهم إذ كتمانها محال غير ممكن، ولا فرق بين دعواهم هذه ودعوى غيرهم، أو يكون إجماعهم عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبق إلا هذا الوجه، فلا يخلو ذلك التوقيف من أن يكون علمه الخارجون من المدينة من الصحابة، أو جهلوه أو علمه من علمه من أهل المدينة سائر الناس أو كتموه، فإن كان علمه الخارجون من المدينة من الصحابة أو علمه من علمه ممن بقي في المدينة من سائر الناس، فقد استوى في العلم به أهل المدينة وغيرهم ضرورة، وإن كان من بقي في المدينة كتمه عن سائر أهل البلاد. فهذا محال غير ممكن، لان كل سر جاوز اثنين شائع فكيف ما علمه جميع أهل المدينة بزعمهم؟ وحتى لو صح أنهم كتموه لسقطت عدالتهم، قال الله عز وجل: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك