ويحرمونه عاما) * وقال تعالى: * (لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * وقال تعالى: * (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) * فأنكر الله تعالى على من صحح شيئا مرة ثم أبطله أخرى مع أن أقوالهم التي ذكرنا في هذا الباب دعاوى فاسدة بلا برهان ولا استدلال أصلا، إلا ما تقدم إفسادنا له من قولهم: إنهم لا يقرون على باطل. فقلنا لهم: ومن لكم بأنهم لم ينكروا ذلك وسائر ما ذكرنا هنالك.
وقد كتبنا في مناقضتهم في هذا الباب وغيره كتابا ضخما تقصينا فيه عظيم تناقضهم، وفاحش تضاد حجاجهم وأقوالهم، ونذكر هنا إن شاء الله تعالى يسيرا دالا على الكثير، إذ لو جمع تناقضهم لاتى منه ديوان أكبر من ديواننا هذا كله، نعم وقد تعدوا عقدهم الفاسد في هذا الباب، إلى أن قلدوا قول صاحب قد خالفه غير من الصحابة في قولهم ذلك، أو قد صح رجوع ذلك الصاحب عن ذلك القول، فاحتجوا به وادعوا إجماعا.
فمن ذلك: احتجاج المالكيين في التحريم على الناكح جاهلا في العدة يدخل بها أن يتزوجها أبدا، احتجاجا بما روي عن عمر في ذلك، وقد صح عن علي خلافه، وصح رجوع عمر عن القول وكتعلقهم بما روي عن عمر في امرأة المفقودة. وقد خالفه عثمان وعلي في ذلك. وكتعليق الحنفيين بما روي عن ابن مسعود في جعل الآبق، وخالفوه في تلك القضية نفسها في تحديد المسافة، وكتوريثهم المطلقة ثلاثا في المرض، تعلقا بعمر وعثمان، وقد خالفهما ابن عباس وابن الزبير، وقد اختلف عمر وعثمان في ذلك أيضا. وكخلاف المالكيين والشافعيين عمر بن الخطاب، وتقليد الحنفيين له فيما صح عنه من طريق الشعبي عن شريح أنه كتب إليه أن يحكم في غير الدابة بربع ثمنها، وكتقليد المالكيين والحنفيين له في جلده في الخمر أربعين، وخالفه الشافعيون في ذلك، وقد صح عن عمر وعثمان وعلي وأبي بكر جلد أربعين في الخمر.
وكتقليد المالكيين والحنفيين لعائشة أم المؤمنين، في ما لم يصح عنها في إنكارها بيع شئ إلى أجل ثم يبتاعه البائع له بأقل من ذلك الثمن، وخالفها الشافعي في ذلك، وخالفها فيه أيضا زيد بن أرقم. وكتقليدهم عمر في أجل العنين