وقد خالفه في ذلك علي ومعاوية والمغيرة بن شعبة، وكتقليد الحنفيين والمالكيين عمر في تقويم الدية بالذهب والفضة، وخالفه الشافعي، وخالفه الحنفيون والمالكيون أيضا في تقويم الدية بالبقر والغنم والحلل، وكتقليد المالكيين والحنفيين ما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان في حيازة الهبات، وقد خالفهم ابن مسعود، وروي الخلاف في ذلك عن أبي بكر.
وكتقليد المالكيين والشافعيين لعمر في رد المنكوحة بالعيوب. وخالفوه في الرجوع بالصداق وخالفه في ذلك علي وغيره، وكخلاف المالكيين والشافعيين عمر وابن مسعود في قولهما: من ملك ذار رحم محرم فهو حر، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة في ذلك. وكخلاف المالكيين والزبير وقدامة بن مظعون وأبا الدرداء وابن مسعود في إباحة نكاح المريض. ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف. وكمخالفة الحنفيين والمالكيين أبا بكر وعمر وخالد بن الوليد وابن الزبير وعثمان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم في القود من اللطمة وكسر الفخذ لا يعرف لهم من الصحابة مخالف كخلافهم في إضعاف القيمة في ناقة المزني، ولا يعرف من الصحابة مخالف في ذلك. وكخلافهم عمر في قضائه في الترقوة بحمل وفي ضلع بحمل، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة. ومثل هذا لهم كثير جدا يجاوز المئين من القضايا، قد جمعناها والحمد لله في كتابنا الموسوم بكتاب الاعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس.
قال أبو محمد: وأما قول من قال منهم: إذا كان ذلك من فعل الامام فهم أترك الناس لذلك، مع تعري قولهم من الدلالة، ومما حضر ذكره من ذلك احتجاجهم في جلد الشاهد بالزنى والشاهدين والثلاثة - إذ لم يتموا أربعة - حد القاذف، احتجاجا بجلد عمر أبا بكرة ونافعا وشبل بن معبد بحضرة الصحابة ثم لم يستحيوا ولا بالوا من خلاف عمر في تلك القضية بعينها بحضرة الصحابة في ذلك المقام نفسه. إذ قال أبو بكرة لما تم جلده وقام: أشهد أن المغيرة زنى، فأراد عمر جلده فقال له علي: إن جلدته فارجم المغيرة فتركه، وكلهم يرى جلده ثانيا إذا قالها بعد تمام جلده، أفلا حياء إذ لا تقوى، وهل سمع بأفحش من هذا العمل وأفصح منه؟ ومثل هذا لهم كثيرا جدا.