واما ما نقلناه عن بعض أعاظم العصر (رحمه الله) فهو أيضا غير تام من ناحية أخرى، فان الفرق في الداعي في البدئية والمقرونة بالعلم واضح جدا فان الداعي في الأولى ليس الا احتمال الامر، وفى الثانية ليس احتماله فقط، بل له داعيان، داع إلى أصل الاتيان وهو الامر المعلوم، وداع آخر إلى الاتيان بالمحتمل لأجل احتمال انطباق المعلوم عليه، والداعي الثاني ينشأ من الأول، فهو يأتي بالمحتمل لداعيين: الامر المعلوم، واحتمال الانطباق وهو منشأ من الداعي الأول، وان شئت قلت إنه ينبعث في الاتيان بكل واحد من المحتملين عن داعيين داع لامتثال أمر المولى، وداع الاحتفاظ عليه عند الاشتباه، التنبيه الثالث إذا كان المعلوم بالاجمال واجبين مترتبين كالظهر والعصر واشتبه شرط من شرائطهما كالقبلة أو الستر، فلا اشكال انه لا يجوز استيفاء محتملات العصر قبل استيفاء محتملات الظهر كما أنه لا يجوز قبل استيفاء محتملات الظهر ان يأتي بالعصر، إلى الجهة التي لم يصل الظهر إليها بعد انما الكلام في أنه هل يجب استيفاء جميع محتملات الظهر مثلا قبل الشروع في الاخر، أو يجوز الاتيان بهما مترتبا إلى كل جهة، فيجوز الاتيان بظهر وعصر إلى جهة، وظهر وعصر إلى أخرى وهكذا حتى يستوفى المحتملات الأقوى هو الثاني وبنى بعض الأعاظم ما اختاره على ما قواه سابقا من ترتب الامتثال الاجمالي على الامتثال التفصيلي وان فيما نحن فيه جهتين إحديهما احراز القبلة فهو مما لا يمكن على الفرض، والاخرى احراز الترتيب بين الظهر والعصر، وهو بمكان من الامكان، وذلك بالاتيان بجميع محتملات الظهر ثم الاشتغال بالعصر، وعدم العلم حين الاتيان بكل واحد من محتملات العصر، بأنه صلاة صحيحة واقعة عقيب الظهر انما هو للجهل بالقبلة لا الجهل بالترتيب، وسقوط اعتبار الامتثال التفصيلي في شرط لعدم امكانه، لا يوجب سقوطه في سائر الشروط مع الامكان، انتهى ملخصا.
وفيه ان المبنى عليه والمبنى كلاهما ممنوعان، اما الأول فلما عرفت من عدم