تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
بلا مرجح و (عندئذ) يحكم بلا تأمل على التخيير وان زمام الواقعة في الارتكاب و عدمه بيد المكلف، وليس حكمه بالتخيير سوى ادراكه هذه المعاني، لا انه شئ آخر حتى يستبعد وجوده، هذا حكم العقل في المقام وان شئت قلت إذا كان طرفا الفعل والترك مساويا في نظر العقل يحكم بالتخيير بقبح الترجيح بلا مرجح فلا يبقى مترددا وبالجملة ادراك قبح الترجيح بلا مرجح ملازم لادراك التخيير وهذا هو حكمه بالتخيير ومجرد عدم خلو الانسان من إحدى النقيضين لا يوجب عدم حكم العقل بعدم التعيين الذي هو ادراك التخيير.
ثم إن بعض أعاظم العصر منع جريان الأصل العقلي قائلا بأنه انما يجرى فيما إذا كان في طرفي التخيير ملاك يلزم استيفائه ولم يتمكن المكلف من الجمع بين الطرفين فالتخيير العقلي فيه انما هو من التخيير التكويني حيث إن الشخص لا يخلو بحسب الخلقة من الأكوان الأربعة، لا التخيير الناشئ عن الملاك، فأصالة التخيير عند الدوران بين المحذورين ساقطة، (واما البراءة العقلية) فغير جارية لعدم الموضوع لها فان مدركها قبح العقاب بلا بيان، وفي دوران الامر بين المحذورين يقطع بعدم العقاب، لان وجود العلم الاجمالي كعدمه لا يقتضى التخيير والتأثير فالقطع بالمؤمن حاصل بنفسه بلا حاجة إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان (انتهى).
وفيه مالا يخفى اما أولا فلانه ما من واقعة من الوقائع الا وللعقل فيه حكم وادراك (إذا أحاط المورد بعامة خصوصياته وكان المورد قابلا لحكم العقل) ففي هذا الموضع اما ان يرى لاحد الطرفين ترجيحا أولا، فعلى الأول يحكم بتعين الاخذ به، وعلى الثاني يحكم بالتساوي والتخيير، كما تقدم آنفا أضف إلى ذلك ان كون الانسان غير خال عن الأكوان الأربعة أجنبي عن المقام، و (ثانيا) ان تخصيص أصالة التخيير على المتزاحمين الذي يشتمل كل واحد على ملاك، لا وجه له، فان العقل يدرك التخيير ويحكم به في أطراف العلم الاجمالي عند الاضطرار لترك واحد منهما أو فعله، مع أن الملاك قائم لواحد منهما فقط ولو نوقش فيه أقول لو وصل الضال إلى طريقين يعلم أن أحدهما طريق البلد ولا يكون ترجيح بينهما يدرك العقل التخيير ويحكم به من غير أن يكون في كليهما ملاك، واما ما افاده في جريان البراءة العقلية من أن كون العلم الاجمالي كعدمه، غير مفيد فان المؤمن مطلقا انما هو قاعدة قبح العقاب بلا
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - في ألفاظ العموم ومفادها 1
2 2 - عدم مجازية العام بعد التخصيص 9
3 3 - في سراية اجمال المخصص إلى العام 13
4 4 - التمسك بالعام في الشبهة المصداقية 16
5 5 - في المخصص اللبي 20
6 6 - التمسك بالعام قبل الفحص 35
7 7 - في الخطابات الشفاهية 41
8 8 - إذا تعقب العام بالضمير 50
9 9 - تخصيص العام بالمفهوم 52
10 10 - تخصيص الكتاب بالخبر الواحد 58
11 11 - الاستثناء المتعقب للجمل 59
12 12 - في المطلق والمقيد 62
13 14 - في اسم الجنس وعلمه 64
14 15 - في تقسيم الماهية إلى اقسام 65
15 16 - البحث في علم الجنس والنكرة 69
16 17 - في مقدمات الحكمة 70
17 18 - في حمل المطلق على المقيد 74
18 19 - في القطع 81
19 20 - في التجري 85
20 21 - في اقسام القطع 93
21 22 - في أخذ القطع تمام الموضوع 102
22 23 - في قيام الامارات والأصول مقامه 109
23 24 - في الموافقة الالتزامية 117
24 25 - في العلم الاجمالي 123
25 26 - التعبد بالظن ومحذوراته 130
26 27 - الجمع بين الحكم الواقعي والظاهر 140
27 28 - تأسيس الأصل في التعبد بالظنون 154
28 29 - في حجية الظواهر 162
29 30 - حول مقالة القمي والأخباريين 164
30 31 - ما يتعين به الظاهر 166
31 32 - الاجماع المنقول 167
32 33 - الشهرة الفتوائية 169
33 34 - في حجية الخبر الواحد 172
34 35 - أدلة النافين والمثبتين 175
35 36 - الاشكالات المتوهمة في آية النبأ 180
36 37 - آية النفر 194
37 38 - في البراءة 203
38 39 - في حديث الرفع وأشباهه 213
39 40 - احتجاج الأخباري بالسنة 258
40 41 - في الشك في المكلف به 306
41 42 - في الاضطرار إلى بعض الأطراف 331
42 43 - في ملاقي الشبهة 354
43 44 - في الأقل والأكثر 377