الثواب إذا صادف الواقع يكون عين ما هو الواقع، ويستوفى المكلف نفس الثواب الواقعي، وان لم يصادف الواقع يعطى له مثل ثواب الواقع تفضلا، ولو كان الاتيان باحتمال الامر لغوا أو تشريعا، لما كان له وجه، و (الحاصل) ان مقتضى اطلاق البلوغ والسماع امكان الاحتياط وعدم لزوم الجزم واليقين بالصدور أو الحجية، والا فلو كان شرطا لما كان جهة لاعطاء ثواب نفسي، لعدم الاتيان بالعمل الصحيح القول في مفاد تلك الأخبار ومجمل القول فيه، ان الظاهر من اخباره ان وزانها وزان الجعالة، بمعنى وضع الحكم على العنوان العام ليتعقبه كل من أراد، فكما ان تلك، جعل معلق على رد الضالة فهذا أيضا جعل متعلق على الاتيان بالعمل بعد البلوغ برجاء الثواب.
توضيحه: ان غرض الشارع لما تعلق على التحفظ بعامة السنن والمستحبات ويرى ان الاكتفاء في طريق تحصيلها على الطرق المألوفة، ربما يوجب تفويت بعضها، فلأجل ذلك توصل إلى مراده بالحث والترغيب إلى اتيان كل ما سمع عن الغير الذي يحتمل كونه مما أمر به رسول الله، وأردف حثه باستحقاق الثواب وترتب المثوبة علي نفس العمل، حتى يحدث في نفس المكلف شوقا إلى الاتيان، لعلمه بأنه يثاب بعمله طابق الواقع أو خالف، فهذا الخطاب والترغيب وجعل الثواب على مطلق العمل - خالف أو وافق، ليس الا لأجل التحفظ على المستحبات الواقعية، كما أن الغرض في باب الجعالة متعلق برد الضالة، لكن يرى المولى ان الخطاب الشخصي والخطاب الخصوصي بين فرد وفردين. ربما لا يحصل الهدف، فلأجله يخاطب العموم تحفظا علي الواقع.
وان شئت فعبر: كما أن قول القائل من رد ضالتي فله كذا جعل معلق علي رد الضالة، فهذا جعل معلق علي اتيان العمل بعد البلوغ أو السماع برجاء الثواب وانما جعل الثواب على ذلك حثا على اتيان كلية مؤديات الأخبار الدالة على السنن