فلا محالة يتحقق في نفسه الشك، وهو كاف في جعل الحكم الظاهري، سواء كان الحكم الظاهري هو ايجاب الاحتياط حتى يرد الترخيص، أو الترخيص حتى يرد النهى، وقد أوضحنا عدم لغوية هذا الجعل كما تقدم ثم هذا كله على القول بان موضوع الحلية الظاهرية هو الشك في الحكم الشرعي المجعول، ويمكن ان يقال: إن موضوعه هو الشك في كون الأشياء على الحظر وعدمه، أو الشك في الملازمة بين حكم العقل والشرع إذا قلنا بالحظر عقلا فيكون قوله عليه السلام كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ناظرا لكلا الشكين فلو شك في أن الأصل في الأشياء هو الحظر أو عدمه، تفيد الرواية كونها على الإباحة، وكذا لو قلنا بان الأصل الأولى هو الحظر ولكن شككنا في الملازمة و (الحاصل) يكون قوله عليه السلام ناظرا إلى ما إذا شك في الحكم الشرعي لأجل الشك في أن الأصل في الأشياء هو الحظر أو عدمه، أو لأجل الشك في الملازمة، فهذا الشك محقق مطلقا حتى مع العلم بعدم ورود النهى في الشرع، لان متعلق الشك كون الأصل في الأشياء، قبل الشرع هل هو الحظر أولا وهذا لا ينافي العلم بعدم ورود النهى من الشارع، وهذا نحو آخر من الحكم الظاهري المجعول في حق الشاك في الحكم الواقعي، وعلى هذا يكون عامة اشكالاته واضحة الدفع خصوصا الثالث منها فإنه على فرض تسليمه لا يرد في هذا الفرض كما لا يخفى.
المختار في معنى الرواية هذا كله محتملات الرواية حسب الثبوت، واما مفادها حسب الاثبات فلا شك ان معنى قوله عليه السلام " حتى يرد فيه نهى " ان هذا الاطلاق والارسال باق إلى ورود النهى، وليس المراد من الورود هو الورود من جانب الشارع لانقطاع الوحي في زمان صدور الرواية، والحمل على النواهي المخزونة عند ولى العصر بعيد جدا، فإنه على فرض وجود تلك النواهي عنده فتعين أن يكون المراد من الورود هو الوصول على المكلف وهذا عرفا عين الحكم الظاهري المجعول في حق الشاك إلى أن يظفر على الدليل و (الحاصل) ان قوله " يرد " جملة استقبالية، والنهى المتوقع وروده، في زمان الصادق