الأصحاب على العمل برواياتهم، فتلك الرواية لا اشكال في شمول السيرة العقلائية عليها، فإذا شملتها نتعدى حسب مضمونها إلى كل ثقة مأمون.
لا يقال: لا يمكن التعدي منها الا إلى نظراء العمرى وابنه الذين هم من الاجلاء الثقات.
ولا يمكن منه التعدي إلى مطلق الثقة، لأنا نقول: إن التعليل بأنه الثقة المأمون يرفع هذا الاحتمال، فان التعليل بمطلق الوثاقة والمأمونية، لا الوثاقة المختصة لاضراب العمرى وابنه، كما أن التعليل في قول القائل: لا تشرب الخمر لأنه مسكر، ظاهر في أن تمام العلة ذات الاسكار لا الاسكار المختص بالخمر.
ثم هذه الرواية وأمثالها وإن كان لسانه عاريا عن جعل الحجية أو تتميم الكشف أو جعل الطريقية الا انه يظهر منه ان العمل بقول الثقة المأمون كان رائجا بين الأصحاب بل بين العقلاء ولذا جاء اخذ الحديث من العمرى وابنه معللا بأنه الثقة المأمون وبذلك يظهر الفرق بين مقالنا وبين ما ذكره المحقق الخراساني فراجع لما نقلناه عنه.
نعم لو قلنا بعدم استفادة ايجاب العمل أو جعل الحجية وأمثالها منها يشكل التمسك بها لكشف حال السيرة لعدم الكشف القطعي وهو واضح وعدم كونه حكما عمليا فلا معنى للتعبد به وكيف كان فالخطب سهل بعد احراز بناء العقلاء على الاحتجاج بخبر كل ثقة ثم بناء على انكار بنائهم فالرواية ونحوها تدل على التشريع ولزوم العمل بقوله وما ذكرناه من عدم الأدلة على التأسيس لأجل احراز بناء العقلاء فتدبر.
الاستدلال بالسيرة العقلائية وقد عرفت انها العمدة في الباب، بل لا دليل غيرها، ويقف على وجودها كل من له المام بالمجتمعات البشرية منذ دون تاريخ البشر، واستقر له التمدن، واتخذ لنفسه مسلكا اجتماعيا وما ورد من الآيات الناهية من العمل بغير العلم، أو العمل بالظن، ليست رادعة