(لا يقال) كون الموجود الخارجي محبوبا بالعرض، خلاف الوجدان والانصاف ولا يقال هذا محبوب الا إذا وجد فيه المبدء حقيقة، فعلى القول بالاجتماع يلزم اجتماع مبدئين متضادين في واحد شخصي (لأنا نقول) كون الشئ محبوبا ومبغوضا، لا يستلزم كون الخارج متصفا بمبدأين متضادين إذ فرق بين الاعراض الخارجية التي تقع ناعتة لموضوعه كالأبيض والأسود، و بين الأوصاف النفسانية التي لها نحو إضافة إلى الخارج كالحب والبغض، فكون الشئ محبوبا ليس معناه الا وجود حب في النفس مضافا إلى صورته أولا، ثم إلى الخارج ثانيا و مع ذلك لا يحصل في الخارج تغير ولا وجود عرض حال (في المحبوب،) والحاصل ان هذه الأوصاف ليس بحذائها شئ في الخارج حتى يلزم وجود مبدئين متضادين في الوجود الواحد أعني ما تعلق به الحب والبغض، بل حب كل محب قائم بنفسه لا يسرى إلى محبوبه فان الله تعالى محبوب الأولياء والمؤمنين ولا يمكن حدوث صفة حالة فيه بعددهم بل المحبوبية والمبغوضية من الصفات الانتزاعية التي يكون لها منشأ انتزاع فلابد من لحاظ المنشأ فان المنتزع تابع لمنشأه في الوحدة والكثرة بل في جميع الشؤون، وقد عرفت ان منشأ انتزاعها، هي الأوصاف والكيفيات النفسانية القائمة بذات النفس المتشخصة بالصورة الحاصلة فيها التي أخذت مرآة للخارج وبهذا يظهر صحة انتساب المحبوبية بنحو، إلى ما ليس موجودا في الخارج ولو كان مناط الانتساب قيام صفة خارجية بالموضوع، لامتنع الانتساب قطعا ونظيره العلم والقدرة، فان الشئ يصير قبل تحققه معلوما ومقدورا إذ ليس المناط قيام صفة خارجية بالموضوع، (إذا عرفت) ذلك فنقول يمكن ان يتعلق الحب بعنوان والبغض بعنوان آخر فيكون الموجود الخارجي محبوبا ومبغوضا مع كون العنوانين موجودين بوجود واحد الا ترى ان البسائط الحقيقية معلومة لله تعالى ومقدورة ومرضية ومعلومة وهكذا ولا يلزم من ذلك تكثر في البسائط، إذ التكثر في ناحية الإضافة ولا اشكال في تكثر الإضافات بالنسبة إلى شئ واحد بسيط من غير حصول تكثر فيه، كما في الإضافات إلى الباري سبحانه ويرشدك إلى ما ذكرنا انه يمكن أن يكون شئ بسيط، معلوما ومجهولا بجهتين كالحركة الخاصة الركوعية في الدار المجهولة غصبيتها، فإنها مع وحدتها معلومة بوصف الركوع ومجهولة
(٣١٥)