ليس مجعولا وحكما شرعيا بل العقل ينتزع من الجعل الالزامي الجواز بالمعنى الأعم فتدبر القول في الواجب التخييري لا اشكال في وقوع ما بظاهره الواجب التخييري في الشرع والعرف، انما الكلام في امكانه ثبوتا حتى يؤخذ بظاهر الأدلة أو عدم امكانه حتى يترك ظاهرها ويوجه بنحو توجيه كالالتزام بتعلقه بالجامع على سبيل التعيين، والتخيير عقلي أو تعلقه بالجامع الانتزاعي أو غير هما (ثم) ان ما يمكن ان يقال في وجه الامتناع هو ان الإرادة التكوينية لا يمكن ان يتعلق بشئ مردد واقعي وكذلك التشريعية، (والسر) فيه ان الوجود أي وجود كان، مساوق للشخص والتعين الواقعي، والتردد النفس الامرى مضاد للموجودية فلا يمكن أن يكون الوجود مترددا واقعا بين الشيئين ترديدا واقعيا سواء كان الوجود خارجيا أو ذهنيا (ولا اشكال) في أن الإرادة سواء كانت تكوينية أو تشريعية من الأوصاف الحقيقية ذات الإضافة ولا يمكن تحققها بلا إضافة إلى شئ فلابد في تحققها من مضاف إليه موجود فلا يعقل أن يكون الإرادة بحسب نفس الامر مرددة المتعلق ولا متعلقها كذلك للزوم أن يكون الموجود مترددا واقعا وهو يرجع إلى التردد فيما هو في ذاته متعين ومتشخص، وكذا الكلام في البعث فإنه يقع بلفظ كهيئة الامر أو غيرها مضافا إلى شئ هو المبعوث إليه فيكون لكل من آلة البعث ومتعلقه وجود ذهني وخارجي لا يمكن ان يتطرق إليه التردد الواقعي، فالواجب التخييري لازمه التردد الواقعي في الإرادة التشريعية ومتعلقها كما أن البعث كذلك يستلزم التردد في آلة البعث ومتعلقه بما لهما من الوجود و (بالجملة) يلزم من الواجب التخييري التردد والابهام بحسب الواقع في الإرادة والمراد والبعث وآلته والمبعوث إليه وكل ذلك محال (والجواب) انه انما يلزم لو كانت إرادة واحدة أو بعث كذلك متعلقة بأمر مردد بين شيئين أو أشياء، وهو منتف في المقام، بل هنا إرادة مستقله وبعث مثلها متعلق بهذا وإرادة أخرى وبعث كذلك متعلقة بذاك، فالإرادة والبعث متكثران تكثر المراد والمبعوث إليه (والسر) فيه هو ان الامر إذا رأى أن في كل من الشيئين أو الأشياء مصلحة ملزمة وافية بغرضه بحيث يكون كل من الأطراف محصلا لغرضه ولم يكن بينها جامع
(٢٨٧)