ان الطبيعي ليس من الانتزاعيات بل من المهيات المتأصلة الموجودة في الخارج تبعا للوجود تحققا وتكثرا، وان معنى موجوديتها، موجوديتها ذاتا تبعا للوجود لا موجودية منشأ انتزاعها وان كثرة الوجود منشأ تكثرها خارجا لأنها بذاتها لا كثيرة ولا واحدة فالكثرة تعرضها خارجا بمعنى صيرورة ذاتها كثيرة بتبع الوجود خارجا والوحدة تعرضها في العقل عند تجريدها عن كافة اللواحق وما سبق منا من التعبير بلفظ الانتزاع فلأجل التسهيل والحاصل ان الانتزاع هنا على فرض صحته ليس الا عبارة عن ادراك النفس من كل فرد بعد تجريده عن المميزات، ما تدرك من فرد آخر فإذا جردت النفس خصوصيات زيد تدرك منه معنى الانسان أي طبيعيه من غير اتصافه بنعت الوحدة المشتركة النوعية وكذا إذا جردت خصوصيات عمرو تنال منه ما تنال من زيد بلا تفاوت (ثم) إذا لاحظت ان ما أدركته مكررا مشترك بين الافراد، تحكم بأنه الجهة المشتركة فالوحدة تعرضه في العقل عند التحليل والتجزية ولكن لا يغرنك لفظ العروض بمعناه المعهود والتحقيق موكول إلى مظانه (الثاني) انا نرى كثيرا في الفواعل الطبيعية من استناد الواحد إلى الكثير كتأثير بندقتين في قتل شخص، وتأثير النار والشمس في حرارة الماء، وتأثير قوى اشخاص في تحريك حجر عظيم وغير ذلك من الأمثلة فاما ان يستند المعلول إلى كل واحد مستقلا لزم صدور الواحد عن الكثير، أو إلى المجموع وهو ليس موجودا عدا وجود الافراد فلا مناص حفظا لانخرام قاعدة الواحد المبرهن عليها في محلها، من القول بوجود جامع في الخارج بنعت الوحدة وهو الذي يؤثر في ايجاد هذه المعاليل والجواب ان التمسك بقاعدة الواحد في هذا المقام غفلة من مغزى القاعدة إذ قاعدة الواحد لو تمت لكان مجريها كما هو مقتضى برهانها هو الواحد البحت البسيط الذي ليس فيه تركيب ولا شائبته، دون غيره مما فيه التركيب والاثنينية، وما ذكر من الأمثلة خارج من مصب القاعدة على أن فيها ليس أمر واحد حتى نتطلب علته، إذ الموت ليس الا خروج الروح البخاري من البدن من المنافذ غير الطبيعية، وكلما قلت البندقة قلت المنافذ وكلما كثرت كثرت المنافذ (فح) طول المدة في نزع الروح الصوري وقلتها، يدور مدار اخراج الدم وهو ليس أمرا واحدا بسيطا بل أمر قبل التجزئة والتكثر وقس عليه الحرارة فان حاملها ذو اجزاء واوضاع ولا مانع من انفعال بعضها من الشمس، والبعض الاخر من النار
(٢٨٢)