(قلت) أولا ان الطلب لا يكشف الاعن الإرادة الحتمية لكن العقل يحكم بان الرجحان والجواز بمعناهما الأعم موجودان بوجوده ومع سقوط كشفه عن الإرادة الحتمية لا يبقى منكشف ولا كاشف، (وثانيا) لو فرضنا كون المنكشف متعدد الكنه طولي لا عرضي لان الطلب الالزامي يكشف عن الإرادة الحتمية وهى تكشف عن الرجحان وهو عن الجواز، ومع الطولية لا يمكن بقاء الكاشفية بل لو فرض العرضية لا يمكن ذلك أيضا لأنه مع سقوط الكاشف لا مجال للكشف (نعم) لو كان في المقام كواشف فبسقوط أحدها لا يسقط الاخر وقد عرفت بطلانه (واما قياس) المقام بالجمع بين الامر الظاهر في الوجوب والنص المرخص في تركه بحمل الامر على الاستحباب كما عرفته من القائل، فمن غرائب الكلام لان قوله لا بأس بتركه بعد قوله أكرم زيدا، قرينة على أن الامر استعمل من أول الأمر في الاستحباب وهذا بخلاف المقام فان المفاد والمستعمل فيه معلوم قطعا والشك في مقدار رافعية دليل الناسخ فلا موضوع للجمع حتى نبتغيه، وان شئت قلت إن الجمع بين الامر الظاهر في الوجوب والنص المرخص في تركه بحمل الامر على الاستحباب ليس اخذا ببعض مراتب الظهور وتركا ببعض مراتبه بل هو تحكيم النص على الظاهر وحمله على خلاف ظاهره (هذا) لو فرضنا ظهور الامر في الوجوب والا فالكلام فيه غير ذلك واما ما نحن فيه فبعد العلم بان الامر للوجوب والعلم برفع الوجوب فلا مجال للقول ببقاء الاستحباب الا إذا فرض مراتب للظهور وهو بمكان من الفساد فالقياس مع الفارق والمقيس عليه ليس كما توهم (الموضع الثالث) لو فرض الشك في بقاء الجواز فهل يمكن اثباته بالاستصحاب أولا، الحق عدم جريانه وان قلنا بجريانه في القسم الثالث من استصحاب الكلى لا ان الركن في جريانه هو كون المستصحب موضوعا ذا حكم شرعي أو حكما شرعيا كالوجوب والاستحباب والأول مفقود كما أن الثاني مثله، لان المجعول والحكم الشرعي هو الوجوب وقد علم ارتفاعه، والجواز الجامع ليس مجعولا بل منتزع من المجعول وبذلك يظهر النظر فيما يقال من أن طبيعي الجواز كان موجودا بوجود الوجوب ومع رفعه نشك في بقاء أصل الجواز في ضمن مصداق آخر فيستصحب (انتهى) إذ الجواز الجامع بين الوجوب والاستحباب
(٢٨٦)