الاطلاق: وظهر ان معنى الاطلاق في قوله تعالى أحل الله البيع، وان معنى اطلاقه هو كون البيع وحده لا مع قيد آخر تمام الموضوع فقط، واما الشمول لو ثبت فيه فيحتاج إلى دال آخر غير الاطلاق وقس عليه باب النواهي مميزا مدلول الاطلاق عن مدلول غيره ثم إنه لو سلمنا وجود البدلي والشمولي في الاطلاق، لكن لا وجه لتقديم أحدهما على الاخر، و (ما تقدم عن بعض الأعاظم) من أن تقييد الشمولي تصرف في الدليل دون البدلي فإنه باق على مفاده وان رجع إليه القيد، غاية الأمر صارت دائرته مضيقة (من غرائب الكلام) فان التضييق الايصار إليها لابعد التقييد، وهو عين التصرف في الدليل، المساوق مع رفع اليد عنه، و (بالجملة) ارجاع القيد إلى كل واحد يستلزم التصرف فيه ولو بالتضييق، ومعه كيف يصح ان يقال بأنه لو رجع إلى المادة لا يرفع اليد عن الدليل واغرب منه ما ادعاه ثانيا في ترجيح التقييد البدلي من أنه يحتاج إلى أمر زائد على مقدمات الحكمة لاثبات تساوى الافراد بخلاف الشمولي فان نفس تعلق النهى يكفي في السراية (قلت) وفي كلا الا دعائين نظر لو لم نقل ان الامر على عكسه. فان تساوى الافراد في موضوعيتها للحكم انما يستفاد من نفس الاطلاق لا بمعنى كون الافراد موضوعا له بل إن الاطلاق يفيد كون العالم في أكرم عالما، تمام الموضوع وليس لشئ آخر دخل فيه وهو عين تساوى الافراد في الحكم لكون تمام الموضوع متحققا في كل واحد، فنفس تعلق الحكم كاف في اثبات الاطلاق البدلي و (لكن) نفس تعلق الحكم لا يكفي في السراية و الشمول ولو بعد مقدمات الحكمة، فان الظاهر أن المراد من السراية هو سراية الحكم إلى الافراد بخصوصياتها، والمفروض ان الحكم لا يتجاوز عن موضوعه الذي هو نفس الطبيعة لا الافراد، الا أن يكون الموضوع لفظ كل ولام التعريف (فبأن) ان ما يثبت باطلاق كون الطبيعة تمام الموضوع. واما ان الحكم لكل واحد بنحو الشمول فيحتاج على دليل آخر غير الاطلاق هذا كله في البدلي والشمولي في غير المقام، واما المقام فلا نتصور لهما معنى محصلا، فلو فرضنا ان اطلاق الهيئة شمولي والمادة بدلي: ولكن الشمول في الهيئة يوجب كون اطلاق المادة شموليا أيضا لان معنى الشمول في الهيئة هو البعث على كل تقدير، وتعلق الإرادة على كل فرض و (بعبارة ثانية) البعث على جميع التقادير بحيث يكون في كل تقدير ايجاب ووجوب، و (معه) كيف يمكن أن يكون اطلاق المادة بدليا إذ كيف تتعلق إرادات
(١٨٨)