بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ٩٦
قرع سمعه من تعريف الإرادة بالشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد، وتوهم أن تحريكها نحو المتأخر مما لا يكاد، وقد غفل عن أن كونه محركا نحوه يختلف حسب اختلافه، في كونه مما لا مؤونة له كحركة نفس العضلات، أو مما له مؤونة ومقدمات قليلة أو كثيرة، فحركة العضلات تكون أعم من أن تكون بنفسها مقصودة أو مقدمة له، والجامع أن يكون نحو المقصود (1)، بل مرادهم من هذا الوصف في تعريف الإرادة
____________________
تعلق إرادته)): أي ان تحمل المشاق في تهيئة المقدمات وتحصيلها ليس إلا لأجل تعلق ارادته به: أي بذي المقدمة، لأنه من إرادته لذي المقدمة تنشأ إرادة المقدمات وتحصيلها، ففي زمان إرادة المقدمات التي هي المعلول لإرادة ذي المقدمة لابد وأن تكون العلة التي هي إرادة ذي المقدمة موجودة لعدم إمكان تحقق المعلول في زمان ولا تكون العلة متحققة في ذلك الزمان، فلابد في ذلك الزمان وهو زمان المقدمات من تحقق ((كونه مريدا له)): أي مريدا لذي المقدمة ((قاصدا إياه)): أي قاصدا لذي المقدمة، ولولا تحقق كونه مريدا لذي المقدمة وتحقق قصده التام له الذي لا نقصان فيه لما تحقق له قصد المقدمات وتحمل المشاق في المقدمات وانه ((لا يكاد يحمله على التحمل)): أي على تحمل مشاق المقدمات ((الا ذلك)): أي إلا قصده وارادته التامة لذي المقدمة.
(1) وحاصله بيان احتمال السبب لهذا القائل - بعدم امكان تعلق الإرادة بأمر استقبالي -: هو انه قد سمع ان القوم يعرفون الإرادة بأنها الشوق المؤكد المحرك للعضلات، وتوهم ان مرادهم هو ان الإرادة البالغة لحد السببية التامة كونها تحرك العضلات نحو المراد الأصلي: أي المراد الذي تعلقت به أولا وهو ذو المقدمة، فما لم يكن بحيث تتحرك العضلات اليه لا يكون الشوق المتعلق به إرادة، فالشوق انما يكون إرادة حيث يكون زمان المراد حاليا، وأما إذا كان زمانه استقباليا فلا يعقل ان تتحرك
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 92 93 94 96 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست