ففيه: إنه إنما كانت مطلوبيتها لأجل عدم التمكن من التوصل بدونها، لا لأجل التوصل بها، لما عرفت من أنه ليس من آثارها، بل مما يترتب عليها أحيانا بالاختيار بمقدمات أخرى، وهي مبادئ اختياره،
____________________
وينتزع من نفس ذاتها ((لا فيما إذا لم يكن)) هذا الفرق ((في ناحيتها أصلا كما ههنا)) فإن الفرق بين الموصلة وغير الموصلة يعود إلى ما هو خارج عن ذاتها، فإن وصف الايصال انما ينتزع من المقدمة بلحاظ ترتب الواجب عليها، وهو امر خارج عن ذات ما هو مقدمة وما يمكن ان تتحمله ذاتها من الأثر، وهذا مراده من قوله: ((ضرورة ان الموصلية انما ينتزع من وجود الواجب وترتبه عليها)) وهو امر خارج عما يمكن ان يكون أثرا لذات ما هو مقدمة، اما في الأثر الذي ينتزع من ذات المقدمة وهو الذي يترتب على نفس ذاتها فلا فرق بينهما، ولذا قال: ((من دون اختلاف في ناحيتها)): أي في ناحية ما هي مقدمة ((وكونها في كلتا الصورتين على نحو واحد وخصوصية واحدة)) ولما عرفت: من عدم الفرق بين الموصلة وغيرها في الأثر الذي تتحمله نفس المقدمة وينتزع من ذاتها لا عما هو خارج عن ذاتها، وان الايصال وعدم الايصال انما ينتزع عما هو خارج عن ذاتها، ومثل هذا لا يوجب تفاوتا في المقدمة، فإنها انما تكون واجبة ومرادة بالطلب الغيري لأجل الأثر الذي يترتب على ذاتها وينتزع من نفس ذاتها، وفي مثل هذا الأثر لا فرق بين الموصلة وغيرها، ولذا قال (قدس سره): ((ضرورة ان الاتيان بالواجب بعد الاتيان بها بالاختيار)) وهذا مما يتعلق بالواجب: أي الاتيان بالواجب بالاختيار بعد الاتيان بهما ((وعدم الاتيان به)): أي بالواجب ((كذلك أخرى)): اي بالاختيار هذا الامر الذي هو خارج عن ذات المقدمة ((لا يوجب تفاوتا فيها)): أي في الأثر المترتب على ذاتها وينتزع منه.