حتى خمد، وتحول علم الأصول لديها إلى تاريخ لمسائل علم استنفد أغراضه، وانقضى دوره، وولى عصره.
وأما في مذهب أهل البيت عليهم السلام وبفضل التخطيط الحكيم والبعيد المدى الذي قام به أئمة أهل البيت عليهم السلام في الإعداد لمرحلة الغيبة الكبرى وتصدي الفقهاء لقيادة الأمة فكريا وعمليا، فقد أخذت دائرة التفكير الفقهي بالاتساع، وأخذت مناهج الاستدلال الفقهي تتطور على مر الزمن، فكانت المرحلة الأولى من تطور الفكر الأصولي أن تحول إلى علم مستقل عن الفقه بعد أن كانت مسائله تبحث ضمن مسائل علم الفقه، فأصبح علما مستقلا له قواعده ومصطلحاته، واستمر تطور علم الأصول في إطار التفكير الشيعي - بعد أن فقد قابلية التطور والنمو في ظل المذاهب الأخرى - إلى القرن الحادي عشر الهجري إذ ظهرت الحركة الأخبارية التي كادت أن تعصف بحيوية التفكير الفقهي في مذهب أهل البيت عليهم السلام، لولا المواجهة الرشيدة الصارمة التي قام بها أبطال التفكير الأصولي وعلى رأسهم الوحيد البهبهاني قدس سره، إذ تصدى للحركة الأخبارية وفند مزاعمها وأبطل شبهاتها، فانتقل التفكير الأصولي وبفضل مقاومة الوحيد البهبهاني وأتباع مدرسته لحركة المضادة إلى مرحلة جديدة من التطوير والإبداع يمكن أن تعتبرها ولادة جديدة للتفكير الأصولي، لما نجده من عمق واتساع التغيير الذي طرأ على التفكير الأصولي بعد هذا التاريخ.
وقد استمر الإبداع في التفكير الأصولي على يد زعماء المدرسة الأصولية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، ويمكن إعتبار الشيخ الأنصاري أبرز زعماء التجديد في التفكير الأصولي بعد عصر الوحيد البهبهاني إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري.
وجاء القرن الرابع عشر الهجري جالسا على مائدة الفكر الأصولي