الذريعة والغنية، وذكر أنه يظهر من الأخير أنها مشتركة بين التحريم والتهديد والتوبيخ.
قلت: الذي يظهر من السيد في الذريعة أن صيغة لا تفعل ليست مخصوصة بالنهي لورودها في التهديد أيضا كقول المولى لعبده " لا تطعني ولا تفعل ما آمرك به " فليس عنده للنهي صيغة تخصه، فظاهره كون الصيغة حقيقة في صورة إرادة التحريم وغيره، بل وفي التهديد أيضا، وقد نص هناك باشتراك الصيغة بين الأمر والإباحة وقد نص في المقام أيضا بأن الكلام في أنه لا صيغة للنهي تخصه كالأمر، فلا وجه لإعادته، وذهب في مبحث الأمر إلى أن صيغة الأمر يفيد كون الآمر مريدا لفعل المأمور به.
وظاهر كلامه دلالتها على ذلك بالوضع فقد يراد به الوجوب وقد يراد به الندب إما بالاشتراك اللفظي أو المعنوي، وقد نص هنا أيضا بدلالة النهي على كون الناهي كارها للمنهي عنه، فيكون صيغة النهي دالة عليه وضعا، على حسب ما ذكر في الأمر، لتنظيره بين المقامين فيفترق الحال عند السيد بين مطلق افعل ولا تفعل وبين صيغة الأمر والنهي، والأولان لا يخصان طلب الفعل أو الترك، والأخيرتان تخصان به إما على سبيل الاشتراك اللفظي أو المعنوي بين الوجوب والندب والتحريم والكراهة، حسب ما مر الكلام فيه في الأوامر، لكنه نص في المقام بأن نهيه تعالى يفيد وجوب الترك وإن لم يكن أمره مفيدا لوجوب الفعل، لأجل أنه يقتضي قبح الفعل، والقبيح يجب أن لا يفعل.
وظاهر كلامه هذا يفيد دلالة نواهي الشرع على التحريم، مع قطع النظر عما ذكر لحمل أوامر الشرع على الوجوب من جهة حمل الصحابة والتابعين وإجماع الشيعة عليه، حسب ما ذكره فهو أيضا يقول بتعين حمل نواهي الشرع على التحريم، بل حملها على ذلك أولى من حمل أوامره على الوجوب، لاستناده في ذلك إلى قيام الدليل عليه من الخارج بخلاف المقام كما عرفت.
فالظاهر أن مختار السيد في المقام كمختاره في الأمر إلا أنه يقول بكون