وقد استدرك ذلك بثبوت فرق بينهما في أمر لفظي أشار إليه بقوله: نعم... إلى آخره. فهو كالصريح بل صريح في عدم حصول فرق بينهما أظهر من ذلك.
وقد أورد عليه الفاضل المحشي بأن ما ذكره محل تأمل، لوضوح أنه يحكم بالعموم في غير الأخيرة على القول الثاني قطعا. وأما على هذين القولين فلا وجه للحكم بعمومه، إذ بعد ملاحظة الاستثناء المفروض المشترك بين الوجهين أو المتردد بينهما يتوقف في حمله على أحدهما فيكون مجملا، ومع التوقف فيه يشكل الحكم بالعموم فيها.
إلا أن يقال: إن قضية التردد والاشتراك هو التوقف بالنظر إلى نفس المخصص، ولا ينافي ذلك ترجيح جانب العموم بالنظر إلى ملاحظة وضع العام وأصالة عدم التخصيص.
قال: ولا يخفى ما فيه سيما فيما إذا كان إبقاء العموم مخالفا للأصل.
وقد أورد الفاضل المدقق على ذلك أولا: بأنه لا إشكال في موافقة القولين الأخيرين للثاني في تمام الحكم، إذ يجب أن لا يعمل في غير الأخيرة أصحابهما إلا على العموم، لثبوت وضعه للعموم خاصة ولم يتحقق في الكلام دلالة أخرى تعارضها، ومجرد احتمال المعارض لا يكفي في الصرف عنها وإلا كان ذلك قائما على تقدير عدم الاستثناء المفروض، فكما أن البحث عن انتفاء المخصص كاف في دفع التخصيص والبناء على العموم فكذا الحال في المقام، فإن ثبوت الاشتراك وعدم العثور على قرينة تقتضي رجوعه إلى الجميع، وعدم العثور عليه بعد الفحص القاضي بالتوقف كاف فيه أيضا.
والحاصل: أنه لا بد من حمل العام على مقتضى وضعه بعد الفحص عن المخصص فيه حتى يتبين المخرج عنه.
* * *