جعل الشارع للنص الصحيح المستفيض بأن من أدرك ركعة من الوقت قد أدرك الوقت فيكون ذلك شرعا بمنزلة إدراك الوقت أجمع ويتفرع عليه كونه مؤديا للجميع ويضعف كونه قاضيا مطلقا أو لما وقع في خارج الوقت كما صرح به في تمهيد القواعد واختلفوا في جواز الامر بشئ في وقت يزيد عليه ويطلق عليه الواجب الموسع والحق وقوعه وفاقا لأكثر المحققين لامكانه عقلا ووقوعه شرعا اما جوازه عقلا فلانه لا مانع منه إلا ما تخيله الخصم من لزوم ترك الواجب وهو باطل جزما لأنه يلزم لو ترك في جميع الوقت فكما أنه يجوز تخيير الشارع بين أفراد مختلفة الحقائق فيجوز تخييره بين أفراد متفقة الحقائق متمايزة بخصوصيات أجزاء الوقت ونظير ذلك التوسعة في المكان كوقوف عرفات و غيرها وأما وقوعه فللأمر بصلاة الظهر وصلاة الزلزلة وغيرهما فلما كان تطبيق أول جزء من الفعل بأول جزء من الوقت وآخره بآخره غير مراد إجماعا وغير ممكن عادة في الأغلب وكذا تكريره إلى انقضاء الوقت ولا مرجح لاحد من الاجزاء على الاخر فينبغي أن يراد ما ذكرنا جوازه عقلا وهو التخيير بين الايقاعات الممكنة في أجزاء ذلك الوقت والخصم لما أحال التوسيع للزوم خروج الواجب عن الواجب فيلزمه التجشم في تأويل أمثال هذه الأوامر فافترقوا على مذاهب فذهب بعض الشافعية إلى اختصاص الفعل بأول الوقت ونقل لك عن ظاهر المفيد وابن أبي عقيل بل نقل عنهما العقاب على التأخير وصيرورته قضاء والظاهر أن مرادهم بالعقاب هو ما إذا تركه رأسا لا بمعنى كون العقاب على الترك في الجميع لكي يرتفع النزاع بل بمعنى العقاب على الترك في الأول ولكنهم يقولون بالعفو حتما بعد فعله ثانيا ولا كذلك المضيقات فإنه لا عفو حتميا فيها فالتوسعة في وقت العفو احتجوا بأنه لو لم يكن الوقت هو الأول للزم كونه قبل الوقت وهو باطل كما في الصلاة قبل الزوال وفيه أنه انما يتم في مقابل من خصه بالآخر مع أن بطلان التالي على قوله أيضا ممنوع للنقض بتقديم الزكاة نفلا وتقديم غسل الجمعة يوم الخميس وأما نحن ففي فسحة عن ذلك وغيره وبعض الحنفية إلى اختصاصه بالآخر محتجا بلزوم المعصية في التأخير لولاه وهو منفي بالاجماع وفيه أن الاجماع ممنوع لو أريد أصل المعصية ومع حصول العفو فلا يضر كما ورد أن أول الوقت رضوان الله واخره عفو الله فحصل الفارق وقيل أنه مراعى فإن أدرك آخر الوقت ظهر كونه واجبا وإلا فهو نفل ففعله في الأول نفل لكنه قد يسقط الفرض ولعله أراد أن الوجوب مشروط بإدراك مجموع الوقت وهو في غاية الوهن بعدما بينا وقد ذكروا في تفسيره وجوابه وجوها ذكرناها في حواشي التهذيب لا فائدة في ذكرها وعلى ما اخترناه من كونه من باب التخيير في الايقاعات فهل يجب في كل من التروك بدلية العزم عليه ثانيا حتى يتضيق الوقت فيتعين الواجب أو لا قولان
(١١٨)