الامر للمرة أو التكرار أو الفور وعدمه وغير ذلك أن الامر لا يقتضي إلا طلب المهية فلعل مرادهم أن حقيقة اللفظ وإن كان يقتضي ذلك إلا أن العقل يحكم بأن المراد هنا هو الفرد لان مطلوب الشارع هو ما أمكن وجوده وما لا يمكن وجوده يستحيل طلبه من الشارع للزوم التكليف بالمحال و الماهية مما لا وجود له في الأعيان فثبت أن المطلوب هو الفرد وجوابه أن المستحيل وجوده في الخارج هو الطبيعة بشرط أن لا يكون مع قيد وتشخص وأما هي لا بشرط شئ فيمكن وجودها بإيجاد الفرد والممكن بالواسطة ممكن فيجوز التكليف به فيكون الفرد من مقدمات حصولها فيجب من باب المقدمة وذلك لا يستلزم نفي مطلوبية الطبيعة فإن قلت النزاع في هذا الأصل متفرع على النزاع في وجود الكلي الطبيعي وعدمه وما ذكرته إنما يتم على تقدير تسليم وجوده ولعل الخصم لا يسلم ذلك قلت أولا أن ما حققه المحققون هو وجوده وإن وجوده غير وجود الافراد وبينوه في محله وثانيا أن المقام يتم بدون ذلك أيضا فإن منكري وجود الكلي الطبيعي لا ينكرون أن العقل ينتزع من الافراد صورا كلية مختلفة تارة من ذواتها وأخرى من الاعراض المكتنفة بها بحسب استعدادات مختلفة واعتبارات شتى كما صرحوا به وإن لم يكن لتلك الصور وجود إلا في العقل وتلك الصور هو الكلي الطبيعي على مذاق هؤلاء ولا ريب أن له نوع اتحاد مع الفرد لصدقها عليه عرفا وعدم وجودها في الخارج إنما يظهر بعد التدقيق الفلسفي وأما أهل العرف فلا يفهمون ذلك ولا يفرقون بين ما كان وجوده متأصلا ومتحققا أو بالإضافة والاعتبار فيفهمون من الامر أن مطلوب الامر هو هذه الطبيعة المطلقة لا بشرط غاية الامر استحالة تحققها في نفس الامر إلا بإيجاد الفرد ولا ضير فيه مع القدرة عليه بالواسطة ويكفي في انفهامهم ذلك تولد الامر الانتزاعي مما به الانتزاع وإن كان أمرا اعتباريا وحاصل المرام أن أهل العرف يفهمون من ذلك أن الخصوصيات المعينة لا مدخلية لها في الامتثال ويكفي تحقق هذا المفهوم في الخارج على أي نحو يكون وإن كان اعتقادهم بتحققه في الخارج فاسدا في نفس الامر ولا يضر فساد هذا الاعتقاد في حصول الامتثال نعم هذا النزاع يثمر في المسائل الحكمية على أنا نقول غاية ما دل عليه دليلكم أن المطلوب لا بد أن يكون هو الفرد وأما تعينه وتشخصه وإرادة فرد معين فلم يدل عليه دليل لا من اللفظ ولا من العقل ولا ريب أن فردا ما من الطبيعة أيضا كلي و لا تحقق له في الخارج على مذاقكم وإرادة فرد خاص تحكم بحت فإن قلت إنا نريد من فرد ما أحد الافراد بمعنى أن المطلوب هو كل واحد من الجزئيات المعينة المشخصة على سبيل التخيير فيتعلق الطلب بكل واحد منها على سبيل التخيير وليس ذلك من باب التعلق بالكلي قلت قد مر الفرق بين الواجب التخييري
(١٢٢)