علقناه على تهذيب العلامة الرابعة موضع النزاع ما إذا كان المأمور به مضيقا والضد موسعا ولو كانا موسعين فلا نزاع وأما لو كان مضيقين فيلاحظ ما هو الأهم وقد يفصل بأن الفعلين إما كلاهما من حق الله أو حق الناس أو مختلفان وعلى التقديرات أما معا موسعان أو مضيقان أو مختلفان فمع ضيق أحدهما الترجيح له مطلقا ومع سعتهما التخيير مطلقا وأما الثاني فمع اتحاد الحقيقة التخيير مطلقا إلا إذا كان أحدهما أهم في نظر الشارع كحفظ بيضة الاسلام ومع اختلافهما فالترجيح لحق الناس إلا مع الأهمية إذا تمهد هذا فنقول يكثر النزاع في اقتضاء الامر بالشئ (النهي)؟ عن ضده بكل من المعنيين و عدمه وفي كيفية الاقتضاء بالعينية أو التضمن أو الاستلزام اللفظي أو العقلي ولما كان بعض الخلافات والأقوال في المسألة في غاية السخافة فنقتصر الكلام في بيان مقامين الأول الأقوى أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ترك المأمور به التزاما لا تضمنا كما توهم بعضهم إذ المنع من الترك ليس جزء مفهوم الامر فإن معنى إفعل هو الطلب الحتمي الجازم ويلزمه إذا صدر عن الشارع ترتب العقاب على تركه والممنوعية عنه فالمنع عن الترك لو سلم كونه جزء معنى الوجوب لا يلزم منه كون جزء معنى إفعل كما توهم وبتذكر ما أسلفنا في مباحث دلالة الصيغة على الوجوب تتبصر هنا فالصيغة تدل عليه التزاما بينا بالمعنى الأعم والقول بالعدم منقول عن السيد رحمه الله وبعض العامة محتجا بأن الامر قد يكون غافلا فلا يتحقق النهي و فيه أن الغفلة مطلقا حتى إجمالا ممنوع وهو يكفي ولذلك قلنا بكون اللزوم بينا بالمعنى الأعم مع أن القصد غير معتبر في الدلالة كما في دلالة الإشارة ولكن ذلك خارج عن محل النزاع وكما أن القول بالعينية في الضد الخاص إفراط فهذا القول تفريط ولا ثمرة في هذا النزاع الثاني الحق عدم دلالة الامر بالشئ على النهي عن الضد الخاص والمثبتون بين من يظهر منه الالتزامية اللفظية ومن يظهر منه الالتزامية العقلية لنا أنه لا دلالة لقولنا أزل النجاسة عن المسجد على قولنا لا تصل ونحوه بإحدى من الدلالات الثلاث أما المطابقة فظاهر وكذا التضمن وقد مر ما يمكن لك إبطاله به بطريق أولى وأما الالتزام فاللزوم البين بالمعنى الأخص فيه منتف كما هو ظاهر ولم يدعه الخصم أيضا كما يظهر من أدلتهم الآتية وأما البين بالمعنى الأعم فأيضا غير موجود لأنه لا يلزم من تصور الامر وتصور الضد والنسبة بينهما كون الآمر قاصدا حرمة الضد وسنبطل ما تشبث به الخصم في ذلك نعم يدل عليه دلالة تبعية من قبل دلالة الإشارة ولكن ذلك ليس مما يثمر فيما نحن فيه فإن ترك الضد من مقدمات المأمور به ووجوب تركه تبعي والوجوب التبعي لا يفيد إلا أن ترك الضد مطلوب للآمر تبعا بمعنى ان المقصود بالذات هو الاتيان بالمأمور به وطلب ترك الضد إنما هو لأجل الوصول إليه فلا يثبت بذلك عقاب على ترك
(١١٣)