القول بالمرة والماهية إنما هو في الاتيان بالافراد متعاقبة وأما لو أوجد أفرادا متعددة في آن واحد مثل أن يقول المأمور بالعتق لعبيده المتعددة أنتم أحرار لوجه الله فقيل على القول بالمهية يحصل الامتثال بالجميع وأما على القول بالمرة فاما على القول الثاني فيها فيبنى ذلك على جواز اجتماع الأمر والنهي مع اختلاف الجهة فإن قلنا بجوازه كما هو الأصح فيستخرج المطلق بالقرعة لو احتيج إلى التعيين ويكون غيره معصية فإن الظاهر أن المراد بالمرة هو الفرد الواحد لا مجرد كونه في الزمان الواحد وإن لم نقل بجوازه فلا يحصل الامتثال أصلا وأما على القول الأول فلا إثم ويستخرج المطلوب بالقرعة أيضا هذا وقد ذكرنا أن الأقوى بالنظر إلى هذا القول أيضا حصول الاثم بقي الكلام في قول من يصرح بحصول الامتثال بالاتيان ثانيا وهكذا مع قوله بالماهية كصاحب المعالم رحمه الله والتحقيق أنه إن أراد حصول الامتثال في الجملة أي ولو في ضمن المرة الأولى فحسن وإلا فنقول أنه لا معنى للامتثال عقيب الامتثال فإن الامتثال قد حصل بالأولى جزما وما يتوهم أنه يكون من باب الواجب المخير بين الواحد والاثنين والأزيد ففيه أنه إن أريد التنجيز المستفاد من العقل في الواجبات العينية فإن الكلي المكلف به عينا لا يمكن الاتيان به إلا بإتيان الافراد فيكون الافراد من باب مقدمة الواجب والعقل يحكم بجواز الاتيان بأي فرد يتحقق في ضمنه الكلي فلا ريب أنه مع ذلك يوجب الاتيان بالمرة الأولى سقوط الواجب عن ذمة المكلف فلا يبقى بعد واجب حتى يمكن الاتيان بمقدمته فضلا عن الوجوب وإن أريد التخيير المستفاد من النقل المدلول عليه بهذا الامر ففيه منع ظاهر مع أنه لا معنى للتخيير بين فعل الواجب وتركه وليس هذا من باب التخيير بين القصر والاتمام في الأماكن الأربعة فإنهما حقيقتان مختلفتان ولو بالقصد والنية وجعل الشارع بخلاف ما نحن فيه بل ليس من قبيل التسبيحة والثلث في الركوع والسجود والركعة فإذا عرفت هذا فيرد على هذا القائل أيضا أنه إن كان يقول باتصاف المرة الثانية والثالثة وهكذا بالوجوب فهو قول بالتكرار وان كان يقول بالندب فمع أنه قول جديد مستلزم لاستعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي على القول بكون الصيغة حقيقة في الوجوب وأنت بعد التأمل فيما ذكرنا من التحقيق تعرف أنه لا يتم ما نقلناه آنفا من القول بحصول الامتثال في الجميع على القول بالماهية في صورة الاتيان بالافراد مجتمعة أيضا وكذلك تتمة ما نقلناه من البناء على اجتماع الأمر والنهي على القول الثاني في المرة وغيره فتأمل حتى يظهر لك حقيقة الامر تذنيب الامر المعلق على شرط أو صفة يتكرر بتكرر الشرط والصفة عند القائلين بدلالته على التكرار قولا واحدا لوجود المقتضي عدم المانع غاية الامر
(٩٢)