الحاصل بسبب كثرة الاستعمال وأما في الفعل فبمقتضى الوضع الأول وهو بعيد فإن غاية ما يمكن أن يدعى فيه الوضع الثانوي والتبادر من جهته إنما هو الحال فتأمل فإن ذلك أيضا لا ينطبق على الزمان المعهود كما ذكرنا بل المتبادر هو التلبس والحاصل أن تحقق المبدء شرط في صحة الاطلاق حين النسبة كالجوامد بعينها فلا يقال للهواء المنقلب عن الماء هو ماء حقيقة ومرادنا من هذه النسبة أعم من الخبرية الصريحة أو اللازمة للنسبة التقييدية فإن قولنا رأيت ماء صافيا يتضمن النسبة الخبرية ويستلزم الاخبار عن الماء بالصفاء فيلاحظ حال هذه النسبة ويعتبر الاتصاف بالمبدء حين تحقق هذه النسبة وذلك فيما نحن فيه في الزمان الماضي فهو حقيقة وإن صار في زمان التكلم كدرا وقد يكون كذلك في الحال وقد يكون في الاستقبال كقولك سأشتري ماء صافيا وكذلك الحال في الجوامد كقولك اشتريت عبدا أو خمرا أو سأشتري خمرا فإنه حقيقة وإن كان ما سيشير به لم يصر حين التكلم خمرا حجة القائلين بكونه حقيقة أن المشتق قد استعمل في الأزمنة الثلاثة والأصل في الاستعمال الحقيقة خرج الاستقبال بالاتفاق وبقي الباقي وفيه أن الاستعمال أعم من الحقيقة كما بينا سابقا وقد استدل بعضهم بعد الاستدلال بذلك بأن معنى المشتق من حصل له المشتق منه أي خرج من القوة إلى الفعل فيشمل الماضي حقيقة وفيه مع أنه ينافي الاستدلال الأول لان مفاده إرادة الخصوصية لا المعنى العام منع قد عرفته حجة مشترطي بقاء المبدء فيما لم يكن المبدء من المصادر السيالة امتناعه فيها لأنها تنقضي شيئا فشيئا فهو قبل حصول إجرائه غير متحقق وبعده منعدم والحق اعتبار العرف في ذلك لا ريب أن العرف يحكم على من يتكلم وهو مشتغل به ولو بحرف منه أنه متكلم ولا يضره السكوت القليل بمقدار التنفس أو أزيد بل بمقدار شرب الماء أيضا في بعض الأحيان وحجة من اشترط البقاء في الحدوثي دون الثبوتي أنه لو كان شرطا مطلقا للزم أن يكون إطلاق المؤمن على النائم مجازا إذ لا تصديق في حال النوم وأجيب عن ذلك بأن ما حصل للنفس من التصديق هو حاصل في الخزانة حال النوم وإن لم يكن حاصلا في المدركة حينئذ وحجة من خص الاشتراط بما طرء على المحل ضد وجودي أنه لو لم يكن كذا يلزم كون إطلاق النائم على اليقظان والحامض على الحلو باعتبار النوم السابق والحموضة السابقة حقيقة وهو خلاف الاجماع وأيضا يلزم أن يكون أكابر الصحابة كفارا حقيقة وقد يجاب عن الثاني بأن ذلك إنما هو من جهة الشرع لا اللغة والحق المنع في الجميع لغة وعرفا أيضا وحجة من اشترط البقاء في المحكوم به دون المحكوم عليه هو أنه لو اشترط في المحكوم عليه أيضا للزم عدم جواز الاستدلال بمثل قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا والسارق والسارقة فاقطعوا ونحو ذلك بالنسبة إلى
(٧٧)