لامرتهم بالسواك فإن طلبه عليه السلام للسواك بصيغة إفعل في غاية الكثرة وأما ما يقال أنه لا بد من تضمين الاعراض ونحوه ليكون متعلقا بكلمة المجاوزة فهذا لا يدل إلا على التهديد على المخالفة على سبيل الاعراض والتولي وهو يتم إذا كان الامر للندب أيضا ففيه أن ذلك ليس إلا من جهة صحة التركيب النحوي ولا يشترط في ذلك اعتبار التولي كما لا يخفى ومنها قوله تعالى وما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك فإن الاستفهام إنكاري لاستحالته على الله وهو يفيد التهديد والتهديد لا يجوز إلا على ترك الواجب وهذه الآية أيضا لا تدل إلا على دلالة الامر على الوجوب بل وخصوص أمر الشارع إلا أن يقال المراد به قوله تعالى اسجدوا قبل هذا وإن المتبادر من التعليل هو كون العلة مخالفة الامر من حيث أنه أمر لا من حيث هو أمره تعالى فتأمل وما يتوهم من أن التهديد لعله من جهة اكتناف الصيغة بقرينة حالية تدل على الوجوب لا من جهة دلالة نفس الصيغة يدفعه أصالة عدمه لا يقال إن هذا إنما يتم لو ثبت اتحاد عرفنا مع عرف الملائكة لان حكاية أحوال كل أهل لسان لآخرين إنما تصح من الحكيم إذا تكلم بما يفيد المطلب من لسان الآخرين ويستعمل حقيقتهم في حقيقتهم ومجازهم في مجازهم وهو ظاهر وما يقال أيضا أن الاستفهام تقريري لاتمام الحجة فالغرض إقرار إبليس باستكباره وإن المخالفة إنما كانت من جهة الاستكبار حيث قال أنا خير منه وهذا يتم إذا كان الامر للندب أيضا ففيه أن الاستكبار من إبليس لعنه الله ليس على الله بل على آدم عليه السلام فيرجع بالنسبة إلى الله إلى محض المخالفة التبعية الغير المقصودة بالذات المتولدة من المخالفة الحاصلة من الحمية والعصبية وهذه شئ ربما يعد من تبعها نفسه في عداد المقصرين فافهم و منها قوله تعالى وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ذمهم سبحانه على مخالفة الامر واحتمال كون الذم على ترك الامر مشاقة تكذيبا خلاف الظاهر وقوله تعالى بعد ذلك ويل يومئذ إلخ لا يدل على ذلك لجواز ذمهم على الجهتين إن كانوا المكذبين واختصاص الذم بهم والويل للمكذبين إن كانوا غيرهم واحتمال ثبوت القرينة على الوجوب ينفيه الأصل واحتج من قال بكونها حقيقة في الندب بما مر في القانون السابق وبقوله صلى الله عليه وآله وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم فإن الرد إلى مشيتنا يفيد الندب وفيه أن الاستطاعة غير المشية بل لعل ذلك يفيد الوجوب مع أن بيان المعنى يشعر بعدم كونها حقيقة في الندب وإلا لما احتاج إلى البيان ولو سلم جميع ذلك فإنما يدل على أن أمر الشارع كذلك لا أن الامر في اللغة كذا و الكلام في عدم دلالته على حكم الصيغة نظير ما مر حجة القول بكونها حقيقة في الطلب مضافا إلى ما مر في أوائل القانون مع جوابه أن الحقيقة الواحدة خير من الاشتراك والمجاز لو قيل بوضعها لكل منهما على حدة أو لأحدهما فقط وجوابه أن المصير إلى المجاز في الندب لدلالة الدليل الذي قدمناه وأنه
(٨٧)