من لم يكن زانيا أو سارقا حال الاطلاق بل المعتبر اتصافه في أحد الأزمنة الثلاثة ووجه هذا الاستدلال إنهم يستدلون بهذه الآيات وظاهرهم إرادة الحقيقة فيكون المشتق حينئذ حقيقة في كل واحد من الأزمنة أقول ويلزم من ذلك أن ذلك القائل يقول بكون المشتق حقيقة في المستقبل أيضا وقد يوجه بأن مراده حينئذ أن المحكوم عليه حقيقة فيما تلبس بالمبدء في الجملة يعني المعنى العام السابق أو ما هو أعم منه ليشمل الاستقبال وكيف كان فهو باطل أما أولا فلان هذا الكلام مبني على أن المراد بالحال وأخويه في محل النزاع هو حال النطق وما قبله وما بعده وقد عرفت خلافه وأما ثانيا فلان المشتق كونه حقيقة في الحال مع الخصوصية مما لا خلاف فيه وإن كان محكوما عليه فلو جعلناه حقيقة في القدر المشترك أيضا للزم الاشتراك والمجاز أولى منه وكونه محكوما عليه قرينة للمجاز مع أن الاستدلال بها على من لم يتلبس بعد حين الاطلاق أو لم يوجد أيضا هو من قبيل الاستدلال بالخطابات الشفاهية فإن تلك الخطابات لا تثبت إلا أصل التكليف وأما خصوص تكليفنا فإنما يثبت بدليل خارج كالاجماع وغيره وأما على ما حققنا موضع النزاع من عدم مدخلية الزمان أصلا وعدم اعتبار حال النطق فلا إشكال إذ المراد أن المتلبس بالزنا أو السرقة مثلا حكمه كذا سواء كان تلبسه حال النطق أو قبله أو بعده ولا يضر ثبوت الحكم بعد حال الانقضاء وإن طال المدة لان إجراء الحكم ثابت حينئذ بالاستصحاب وغيره من الأدلة تتميم ينبغي أن يعلم أن مبادئ المشتقات مختلفة فقد يكون المبدء حالا كالضارب والمضروب وقد تكون ملكة وقد يعتبر مع كونه ملكة كونه حرفة وصنعة مثل الخياط والنجار والبناء ونحوها وقد يكون لفظ يحتمل الحال والملكة والحرفة كالقاري والكاتب والمعلم والتلبس وعدم التلبس يتفاوت في كل منها فالذي يضر بالتلبس في الملكة هو زوالها بسبب حصول النسيان وفي الصناعة الاعراض الطويل بدون قصد الرجوع وأما الاعراض مع قصد الرجوع ولو كان يوما أو يومين بل وشهرا أو شهرين أيضا مع إرادة العود فغير مضر ويصدق على من لم ينس ومن أعرض وقصد العود في العرف أنه متلبس بالمبدء فيهما وإن طرء الضد الوجودي لأصل ذلك الفعل أيضا وأما في الأحوال فالتلبس فيها أيضا يختلف في العرف فأما في المصادر السيالة فيكفي الاشتغال بجزء من أجزائه وأما في غيرها كالسواد والبياض وغيرهما من الصفات الظاهرة والباطنة فالمعتبر بقاء نفس الصفات وقد اختلط على بعض المتأخرين واشتبه عليه الامر واحدث مذهبا في التفصيل فقال إن إطلاق المشتق باعتبار الماضي حقيقة إن كان اتصاف الذات بالمبدء أكثريا بحيث يكون عدم الاتصاف بالمبدء مضمحلا في جنب الاتصاف ولم يكن الذات معرضا عن المبدء وراغبا عنه سواء كان
(٧٨)